يلعب الإعلام الأهلي دوراً هاماً في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية القائمة على احترام ثقافة الاختلاف والتسامح وتقبل الرأي والرأي الآخر ، كما يؤكد على وجوب تحقيق النزاهة في العملية الانتخابية على قاعدة احترام إرادة المواطنين وعدم تزويرها لصالح أية جهة كانت ، الأمر الذي يجب أن يتعزز بوجود لجنة انتخابات مركزية مكونة من شخصيات ذات بعد اعتباري ووزن اجتماعي رفيع تتسم بالحيادية والموضوعية و الاستقلالية والنزاهة ، ومن خلال وجود جهاز قضائي عادل ونزيه ومستقل ، من أجل البث في الخصومات والطعونات التي تتم على خلفية الملاحظات التي تطرحها الأطراف المختلفة في سياق العملية الانتخابية وبعد فرز نتائجها .
ومن الضروري عدم استخدام علاقات القوة بالمجتمع من أجل تعزيز سيطرة ونفوذ أحدى الأحزاب السياسية في سياق العملية الانتخابية ، مثل استخدام أجهزة السلطة وأدواتها الإعلامية وهيئاتها الأمنية بما يشمل ذلك الموارد المالية والإعلامية والبنية التحتية مثل السيارات وغيرها ، لصالح الحزب الحاكم الذي يخوض الانتخابات ، حيث من الضروري أن ينص قانون الانتخابات على القيمة المالية التي يجب أن تستخدم في أثناء العملية الانتخابية والتعرف أيضاً على مصادرها بما يعزز من الشفافية والنزاهة والمصداقية ، ومن أجل إعطاء فرصاً متكافئة لجميع الأحزاب والقوائم للمنافسة على قاعدة برنامجية وليس وفق علاقات القوة وأدوات النفوذ ، الأمر الذي يفرض إعطاء مساحات متساوية للقوائم المرشحة للدعاية الانتخابية بالساحات العامة وبوسائل الإعلام الرسمية وخاصة التلفزيون والراديو والصحف اليومية .
ومن الأهمية بمكان قيام الإعلام الأهلي بالتركيز على إجراء عملية انتخابية متكاملة قائمة على الشفافية والمكاشفة ، الأمر الذي يفترض القيام بالرقابة على عملية الانتخابات منذ بدايتها إلى نهايتها بما يسمح بتسجيل نقاط الاختراق التي قد يرتكبها أياً من القوائم المتنافسة وإثارتها إلى لجنة الانتخابات المركزية وإصدار تقرير مهني علمي موضوعي يسجل أهم الثغرات والفجوات التي اعترت العملية الانتخابية ، ومن المناسب في هذا السياق الإشارة إلى أهمية القيام بالرقابة بصورة جماعية من خلال تنسيق جهود المنظمات الأهلية وهيئات حقوق الإنسان الراغبة والمعنية بانجاز الرقابة ، حيث أن توحيد الجهد يعمق التعاون كما يعزز تقريراً أكثر مصداقية ومهنية بوصفه يعكس عملاً تشاركياً وتشبيكياً جاداً بين منظمات العمل الأهلي .
وبرأي فإن للإعلام الأهلي أهمية موضوعية تبدأ في مراحل ما قبل الانتخابات ،فمن الواضح أن المجتمع الفلسطيني يمر بمرحلة صعبة وحساسة ، حيث تتعمق الخلافات والصراعات الداخلية الأمر الذي ينذر بتفتت وحدة نسيج المجتمع ، فهناك صراعات داخل الحزب الواحد و العائلة الواحدة وخلافات تأخذ الطابع الشخصي ، والفئوي الضيق في العديد من الأحيان ، وهناك تقاطبات وتمحورات في البنية الفصائلية والحزبية تجلت بفشل الانتخابات التمهيدية