للاعلان عن ترشحه للرئاسة الفلسطينيــة

بعد أن غادرنا الرئيس القائد ياسر عرفات الذي دفع حياته واستشهد ثمنا للتمسك بالثوابت الوطنية، وبعد مشاورات واسعة مع القوى الشعبية والمؤسسات المدنية وقوى المعارضة الديموقراطية والوطنية والإسلامية، وبعد أن شرفني الأخ الدكتور حيدر عبد الشافي الذي يمثل شخصية الإجماع الأولى في فلسطين وعنوان النزاهة والكرامة الوطنية ، بترشيحي لانتخابات الرئاسة الفلسطينية ، وبعد أن تلقيت سلسلة من المطالبات وبيانات التأييد للترشيح من أعداد غفيرة من الفلسطينيين في الداخل والخارج وخاصة أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا والأردن.

واستنادا إلى أنني وزملائي في القوى الفلسطينية الوطنية الديموقراطية والمبادرة الوطنية الفلسطينية قد خضنا كفاحا ضارياً طوال السنوات العشرة الماضية منذ تأسيس السلطة الفلسطينية لتكريس مبدأ الديموقراطية والتعددية السياسية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحريات السياسية والاجتماعية.

وبعد أن قضينا سنوات طويلة نطالب بالانتخابات الديموقراطية كوسيلة كفاح ومقاومة مؤثرة، وآلية لإحداث إصلاح جذري في الوضع الداخلي الفلسطيني ومقاومة كل أشكال الفساد وسوء الإدارة والمحسوبية.

وانطلاقاً من حاجة الشعب الفلسطيني إلى قيادة قوية وحازمة ملتصقة بالكفاح الوطني وهموم الجماهير الشعبية، التي تعاني الأمرين من ضيم الاحتلال وشظف العيش والفقر والبطالة.

 قيادة شابة مجربة وقوية تنبض بالروح الكفاحية وبعزيمة المناضلين، وتتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية.

قيادة قادرة على إحداث الإصلاح الجذري الشامل والتغيير للأفضل وإزالة كل أشكال الفساد السياسي والمالي وسوء الإدارة والمحسوبية وتعمل على بناء مؤسسات دولية عصرية متطورة.

قيادة شابة تتفهم احتياجات وهموم الشباب الفلسطيني،من شباب وشابات، الذين يشكلون 80% من المجتمع الفلسطيني والذين يتطلعون إلى حقهم في الحصول على التعليم اللائق والعمل الكريم بشرف وكرامة والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية وصنع القرار ونيل فرص التطور والتقدم في الحياة

قيادة واعية وعلمية قادرة على التعامل مع المجتمع الدولي الرسمي والشعبي وإقناعه بعدالة القضية الفلسطينية وكسب تأييده وتضامنه مع حقنا في الحرية والاستقلال والسلام العادل.

قيادة حازمة وقادرة على تحقيق قبول دولي واسع للحقوق الفلسطينية دون التفريط بالثوابت والمصالح الوطنية، وعلى بناء سلام عادل يلبي حقوق الشعب الفلسطيني ويخرجه من نفق الاتفاقات الجزئية والانتقالية.

قيادة تمنح الأمل للشعب الفلسطيني والثقة باقتراب تحقيق وعده مع الحرية والاستقلال.

ومع حلول لحظة الانتخابات الرئاسية بسبب وفاة الرئيس القائد ياسر عرفات، ومع إصرارنا على ضرورة ربط الانتخابات الرئاسية بالتشريعية والبلدية والمحلية، والإعلان عن انعقادها في أسرع وقت، وفي موعد لا يتجاوز آذار من العام المقبل، وبعد أن استكملت لجنة الانتخابات المركزية استعداداتها.

فإنني أعلن اليوم في التاسع والعشرين من تشرين الثاني، يوم التضامن العالمي في كافة أرجاء المعمورة مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل من اجل الحرية والاستقلال، وفي ذكرى صدور الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي أعطى الشرعية الدولية لقيام دولة فلسطينية مستقلة قبل 57 عاماً.

ومن هنا حيث رأيت النور لاول مرة في حياتي، من مدينة القدس، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومهد السيد المسيح، مدينة الحضارة الإنسانية والتراث البشري والتاريخ العريق ومهبط  الديانات السماوية، عاصمة الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية المستقلة منذ إعلان الاستقلال والى الأبد.

 أعلن استنادا إلى وثيقة الاستقلال الفلسطينية، ترشيحي للرئاسة الفلسطينية وخوض الانتخابات الرئاسية التي ستجري في التاسع من كانون الثاني عام 2005.

داعيا أبناء وبنات شعبنا في الوطن والمهجر إلى إسناد ودعم انتخابي للرئاسة الفلسطينية، وآملاً ان يحظى هذا الترشيح بدعم وتأييد المعارضة الوطنية الديمقراطية والاسلامية.

إن هذه الانتخابات لا تخاض من اجل منصب أو مركز، فالسلطة الفلسطينية بكاملها تحت الاحتلال، لكنها تخاض لاختيار نهج وقيادة للنضال الوطني من اجل الحرية والاستقلال، ومن اجل برنامج كفاح وطني وشعبي ومن اجل التعبير عن رأي وإرادة وحقوق الأغلبية في المجتمع الفلسطيني.

إن برنامجنا الانتخابي ونهجنا سيرتكز على الأسس التالية:

أولا: في المجال الوطني:

أ?-     التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية التي تشكل أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الوطنية  وتحديدا:

  1. إنهاء الاحتلال عن كامل الأراضي المحتلة عام 1967 دون نقصان أو استثناء.
  2. تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي وإزالة جدار الفصل العنصري والمستوطنات الإسرائيلية والحواجز وكل نظام الأبارتهايد والواقع غير الشرعي الذي بناه الاحتلال خلال 37 عاما.
  3. حرية وعروبة القدس، عاصمة الشعب الفلسطيني والدولة المستقلة إلى الأبد.
  4. حماية وتأمين حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة حسب قرارات الأمم المتحدة والقوانين والشرعية الدولية.
  5. التمسك بالإفراج عن كافة المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال، وإعلان ميثاق شرف بعدم الاستعداد لإنجاز أي اتفاق دون الإفراج عنهم دون استثناء أو تمييز، وفي مقدمتهم القادة المناضلون مروان البرغوثي واحمد سعدات وعبد الرحيم ملوح وركاد سالم وجمال الطويل، وحماية حياة وحقوق المناضلين الفلسطينيين المعرضة للخطر. كما أننا نطالب بتوفير صناديق اقتراع تحت إشراف دولي لضمان مشاركة كافة المعتقلين في الانتخابات 

ب?-حماية الوحدة الوطنية ودرء كل الضغوط الخارجية لدفع الفلسطينيين للصراعات والانقسامات الداخلية، أو قمع الحريات السياسية والتنظيمية الديمقراطية، أو حرية التعبير.

ثانيا: في مجال الإصلاح الجذري الشامل:

  1. مكافحة كل أشكال الفساد المالي والسياسي والمحسوبية وسوء الادارة.
  2. ترسيخ سيادة القانون واستقلال القضاء.
  3. بناء مؤسسات دولة قوية وعصرية.
  4. توفير الأمن والأمان للمواطنين على أساس احترام القانون.
  5. تكريس الديموقراطية كنهج وحياة وإقرار قانون الانتخابات الجديد وعقد الانتخابات التشريعية والبلدية، ولكافة المؤسسات في موعد لا يتجاوز آذار.
  6. التنفيذ الكامل والفوري لبرنامج الإصلاح الوطني الذي وضعه المجلس التشريع

ثالثا: في مجال التطوير الاقتصادي والحقوق الاقتصادية والاجتماعية:

أ?-     الكفاح من اجل إزالة كل الحواجز والجدران وإتاحة حرية الحركة والتنقل لسائر مواطني الأراضي المحتلة.

ب?- مكافحة الفقر والبطالة، وإعادة تنظيم الموارد وتوسيعها لإيجاد فرص عمل سريعة للعاطلين عن العمل وإسناد صمود الفئات الفقيرة والمظلومة وخاصة المناطق المتضررة من اجتياحات الاحتلال وجدار الفصل العنصري والاستيطان.

ت?- إخراج الاقتصاد الوطني من حالة الركود والتراجع وإتاحة حرية الاستثمار الاقتصادي والتجاري وتشجيع وإسناد التطوير الاقتصادي الصناعي والتجاري والزراعي، ومنع أي شكل من الاحتكارات وفرض الاتاوات أو التدخل الأمني والسياسي في النشاط الاقتصادي، من اجل إرساء تنمية اقتصادية فعالة.

ث?- توفير احتياجات الشباب للتعليم بكرامة والعمل الكريم دون حاجة للواسطة أو المحسوبية.

ج?-   توفير الصحة النوعية والخدمات الصحية لجميع المواطنين وضمان حقوق ذوي الإعاقة دون استثناء أو تمييز.

ح?-  حماية حقوق المرأة والشباب وفتح فرص التطور الاجتماعي والسياسي والمشاركة في صنع القرار لهم.

خ?-  التطبيق الدقيق والعادل لقوانين الخدمة المدنية وانصاف المعلمين وموظفي الدولة وتلبية حقوقهم دون تمييز او محاباة.

رابعا: إعادة بناء النسيج الوطني الجامع بين الفلسطينيين والشتات، وردم الهوة التي نجمت عن اتفاق أوسلو، وتفعيل مشاركة الفلسطينيين في كل مكان في دعم قضية شعبهم.

خامسا: تفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والدعوة لاستكمال انتخاب أعضاء المجلس الوطني بالانتخابات بين فلسطيني الشتات، ودعوة الجامعة العربية إلى تسهيل عقد اجتماع المجلس الوطني بمشاركة الداخل والخارج لانتخاب وتجديد وتفعيل هيئات منظمة التحرير.

سادسا: استنهاض حركة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل من أجل الحرية والاستقلال.

اننا لا نخوض هذه الانتخابات باسم فصيل معين او ضد طرف معين ، بل باسم القاعدة العريضة لشعبنا الفلسطيني واغلبيته الصامتة.

إن برنامجنا مفتوح لمساهمة وإغناء كافة القوى الوطنية والديموقراطية والإسلامية وكافة المستقلين دون تحفظ أو استثناء.

اننا نخوض هذه الانتخابات من اجل ان لا تهدر تضحيات الشعب الفلسطيني، التي قدمها عندما فجر الثورة وصنع صموده الاسطوري، وقدم التضحيات الغالية في انتفاضته الاولى والثانية، وكي لا تتكرر التجارب الاليمة لعشر سنوات من مفاوضات فاشلة وترهل داخلي.

اننا نخوضها من اجل احداث التغيير الحقيقي والايجابي للافضل واستنهاض طاقات وحيوية الشعب الفلسطيني.

إن هذه لحظة إثبات إن خيارنا الفلسطيني رهن بإرادتنا وليس إرادة الآخرين وبالتأكيد ليس رهن إرادة إسرائيل أو أي أطراف خارجية، ووجودي اليوم في القدس رغم انف الاحتلال بدون تصريح أو إذن إسرائيلي هو نموذج لذلك، وتعبير عن ضرورة إقران القول بالفعل.

انني اتوجه الى ابناء شعبنا في المدن والقرى والمخيمات في الضفة والقطاع والقدس ومخيمات اللجوء الفلسطيني داعيا اياهم الى الانضمام لمسيرتنا من اجل الحرية والاستقلال والعودة والديمقراطية ودولة المؤسسات لنبني وطنا يعيش فيه الفلسطينيين بعدل وامان وكرامة، لنحقق معا حلم كل فلسطيني في وطن حر مستقل وحياة شريفة كريمـة.

وتجنبا لأي تضارب في المصالح، فقد تخليت عن رئاستي للإغاثة الطبية والتي انتخبت الدكتور محمد عودة نائب الرئيس، كرئيس لها. كما أخذت إجازة من عملي كمدير لمعهد الإعلام والسياسات الصحية والتنموية، وآمل ان يقوم كافة المرشحين بإتخاذ كل الخطوات لتجنب تضارب المصالح في الحملة الانتخابية.

إن هذه لحظة تاريخية في حياة الشعب الفلسطيني والمنطقة والعالم العربي بأسره، كما ان  نجاح الفلسطينيين في إنجاز انتخابات ديموقراطية نزيهة وبتعددية سياسية ومنافسة حقيقية تلغي النمطية القائمة على الفوز بالأغلبية الساحقة او نمطية النظام الشمولي، ومن شأنها أن تحقق أمرين:

  1.  تبديد الوهم بأن إسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
  2. إثبات أن المعارضة تستطيع الفوز بالانتخابات والحكم بالأسلوب السلمي.

 إنني أدعو أبناء وبنات شعبنا إلى التطوع معنا في هذه الحملة الانتخابية، فاعتمادنا سيكون على جهد آلاف المتطوعين في أرجاء الوطن من رفح إلى جنين. كما أدعو المقتدرين منهم إلى التبرع بما يستطيعون لدعم الحملة الانتخابية.

ولا يفوتنا أن نؤكد ان نزاهة الانتخابات تعتمد:

  1. عدم خرق القانون.
  2. عدم تحيز الإعلام.
  3. الرقابة المحلية والدولية.
  4. الفصل بين السلطة ومواردها وإمكانياتها واي مرشح للرئاسة.

إن المسؤولية ثقيلة والهم كبير والمعاناة هائلة، لكننا بثقتنا جميعا، وبوحدتنا، وعزمنا و تصميمنا سنخرج شعبنا من نفق الاحتلال والحواجز والفقر والبطالة والمعاناة إلى رحاب الحرية والاستقلال والتطور الاقتصادي.

إن هذه لحظة إثبات استحقاقنا كشعب فلسطيني لدولتنا والانضمام لعائلة الدول والشعوب الحرة المستقلة.

فليكن أملنا كبيرا وثقتنا بأنفسنا عظيمة وليوفقنا الله في أداء المهمات الصعبة التي تقف أمامنا.