اللاجئون ... والتمكن من العودة !!!

بقلم: د. طلال الشريف

بعد ستة عقود من النكبة, والتهجير, واللجوء, لم يتمكن اللاجئون من العودة إلي ديارهم الأصلية. بل إنهم حوصروا, ودمروا, وتشتتوا كل تشتت في أصقاع الأرض, صامدين علي أمل العودة, وقد تشابكت الرؤى والحلول المطروحة عربياً أو إسرائيليا أو دولياً, دونما نتائج.
 
 ولا زالت الأمم المتحدة, وقراراتها, دون الحد الأدنى من التنفيذ, إلا في قضايا ترغب الدول المهيمنة عليها في حلها بشكل عادل, أو غير عادل. وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالموضوع الفلسطيني, والمتعلقة بحق العودة, لا زالت يعلوها الغبار علي أرفف الأمم المتحدة, حزينة لا يملك أصحابها الفلسطينيون القوة لتنفيذها, وتتواري الأمة العربية خجلاً من العمل, والضغط لتنفيذها.
 ولا تستحي القوي العظمي من عدم تمكين شعبنا, وإرجاعه إلي أرضه السليبة, التي ساهمت تلك الدول جميعها, وعلي رأسها, بريطانيا الغادرة, التي كانت أس الداء, والبلاء, والولايات المتحدة من بعدها التي حمت إسرائيل, ودعمتها بكل قوة, حتى لا يعود اللاجئين إلي ديارهم.
 
أما نحن اللاجئون الفلسطينيون, فكاد الله في عوننا, علي ما واجهناه من مآسي في رحلة التمكن من عودتنا إلي بلداتنا الأصلية, بل, وتعدي ذلك إلي محاولات شطبنا كشعب فلسطيني بأكمله عن الخريطة, وما كان بين هذا, وذاك, من محاولات مستمرة جربت, ولا زالت تجرب لعودتنا, مرة بالمفاوضات السلمية, ومرات بالحروب, والمقاومة, التي تستمر إلي يومنا هذا لتمكيننا من العودة.
 
لقد حافظنا علي مفاتيح بيوتنا, وكواشين الطابو, التي تثبت حقوقنا, وبذلنا كل غال ونفيس للحفاظ علي تراثنا, وتاريخنا, ووقائعنا. فعقدت آلاف المؤتمرات للقمة, وللقاع,  وملايين الندوات, وورش العمل, والمحاضرات, والتوثيقات, وحافظنا حتى اليوم علي ذاكرتنا بقوة متجددة, تتناقلها الأجيال, لكي لا يأتي اليوم الذي تضيع فيه حقوقنا, وكي نعود إلي أرضنا.
 
ولكننا كنا طوال هذا الوقت نهدد, ونتوعد, كل منا, والآخرين, من المس بحقنا المقدس في العودة, إلا أنني أطرح ما يمكن أن يكون ناقوساً للخطر, حين نوافق, أو توافق قياداتنا, وعربنا  علي حلول, لا يمكن, أن نتمكن من خلالها, من تحقيق حق عودتنا, مثل خارطة الطريق, واتفاقيات جنيف, وحتى الدولة علي أراض سبعة وستين, التي لا يمكن تصور عودتنا معها إلي أراضينا الأصلية.
 
 ولعل الفكرة التي أريد التشديد عليها هنا, أننا دائماً نطالب بحق العودة, وكنا نعرف ما نفعل, لكننا كلاجئين أري أننا مندفعون, دون أن ندري, وراء حل يضمن إقامة دولة فلسطينية, وننسي أن هذا الحل لا يمكننا من العودة, وها نحن ننجر خطوة, خطوة, دون شعور, بالمأزق أو الخطر, علي حق العودة, وأتمني أن لا نضيع أعوماً أخري دون وضع رؤية تمكننا من العودة, وأشدد هنا علي أن هذا ليس دعوة للتنازل, أو التفريط,, أو التجزيء, أو الملل من المحاولات لفرض حق لعودة, أو التيئيس أو بطلان ما كنا نحاوله, أو عدم صحة نضالنا, ولكنها العكس من ذلك فهي دعوة للتماسك, ومواصلة النضال, والتوضيح لمن يساهمون في أي حل لا يمكن معه العودة إلي الأرض السليبة, ولكي لا نكون كمن لا يدري ماذا يريد, وفي نفيس الوقت يشارك في عمل يناقض ما يريد, ولا يوصله إلي الهدف.
 
يمكننا ومن الآن فصاعداً التأكيد علي اتفاقنا جميعاً حول رؤية واحدة, وأن نكون حذرين في الطريق من الدخول في مسالك لا توصلنا إلي الهدف, فنتوه, ونخسر حقنا, وهذا يتطلب الانتباه والحذر.
 في رأيي أن الحلول التي يمكن أن توصلنا إلي العودة إلي أراضينا الأصلية في فلسطين هي أربعة حلول فقط, لا غير, ومنها ما جرب وهو صحيح, وفيها ما لم يجرب وقد يكون صحيح وهذه الحلول هي:
1-    استعادة فلسطين بالحرب والقوة كما أخذت.
2-    تطبيق قرارات الأمم المتحدة (التقسيم وحق العودة).
3-    خيار الدولة الواحدة.
4-    تعريب اليهود أو تهويد العرب.
 
وهذه الحلول من الناحية العملية والتاريخية ممكنة, وتمكننا من حق العودة, رغم صعوبة الحل الرابع علي العقل في أيامنا هذه, ويحتاج إلي قرون طويلة, لكنه تاريخياُ ممكن, كما يذكر التاريخ كيف كان الناس, وكيف كانت أعراقهم,وقومياتهم, ودياناتهم, وجغرافيتهم, وكيف أصبحوا الآن.
 
أما ما غير ذلك,فيما يجرب من حلول, فلن يمكننا أي حل مطروح, كما أسلفت من تحقيق العودة, بل إن كل الحلول هي استهداف, والتفاف علي حق العودة بالذات.
 
ولتحقيق العودة لابد من التوافق علي أحد الحلول الممكنة, والعمل عليه بانتباه, واقتناع, دون فهلوة, ودون تهديد لا يسمن, ولا يغني من جوع.
 
بالرؤية الصحيحة المتفق عليها, الممكنة, والأداة المناسبة, والعمل الجماعي بإخلاص وانتباه, تتحقق العودة.

بقلم: د. طلال الشريف

منسق عام المبادرة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة