رغد العيش على الطريق ......!!!! / بقلم نزار نزال

بقلم: نزار نزال
فلسطين – قباطيه
لقد دفعتني الشعارات المملة والمُنغزة للنفس والمقززة لها  لأطُل عليكم لنتحدث وإياكم عما يدغدغ مشاعرنا جميعاً، نتحدث بكل صراحة ووضوح وبدون أي استماله لهذا أو لذاك ولو كلف الأمر الكثير، بعيداً عن الوجه السياسي وعن الانتماء الفكري ، فمن بين السطور نحدثكم ومن خلال الكلمات نحاكيكم فلسنا مُرشحين ولسنا مُنتفعين إنما نحن من يفرش الأرض بالحقائق ونحن من يتقمز من نص إلى نص ومن حرف إلى آخر مُتبعا قوانين الفقرات وأدبيات النصوص، والهدف هو إظهار الحقيقة، الهدف محاكاة الشارع بالعبارات الأكثر قربا لأحاسيسه، فأنا لست وزيرا ولست من أصحاب المراتب الدنيوية العليا، يؤلمني ما يؤلمكم ويترك في نفسي آثارا تزيدها ألما وجراحا حكايات كذاب وكلمات منافق،لا ادري ..؟ ربما وجود الطرف المقصود في المكان المقصود يجعله يجهل بأدق تفاصيل الحياة اليومية لشعبٍ قهره الزمن وداس على كرامته وحش الطبيعة وسوء القدر، شعب قدر الله أن يكون من الشعوب التي أبتليت  بتوقيع الأقلام وبهمسات الكلام.
اخرج من بيتي صباح يوم  الثلاثاء ، العاشر من شهر كانون الثاني 2006 وتحديدا يوم عيد الأضحى  المُبارك قاصدا زيارة أحد الأصدقاء، فمن اللحظة الأولى لخروجي ومن النظرة الأولى على جدران البيوت وعلى واجهة المحلات التجارية، الشعارات التي تقتحم بوسترات الحملات الانتخابية، الطقس بارد وبارد جداً... أضع يدي في جيبي باحثا عن قليل من الدفيء عَلَي أجد ما يجول في خاطري وما يلدغ أصابعي ودفاتري، ولكن الوعود تجعلني اذهب بعيداً أبعًدُ من البحث عن الدفيء فهذا فلان وهذا علان وهذا يقول وهذه تقول والوجوه لم تتغير،  وكأن الضفة الغربية وقطاع غزه ستتحول إلى سنغافورة أو ستنقل إلى القارة  الأوروبية، وما يثير الدهشة والاستغراب أن الغالبية العظمى ممن يُسَطِروْنَ شِعاراتهم برغد الحياة القادم هم إما أن يكونوا أعضاء سابقين في المجلس التشريعي أو وزراء أو مدراء عامين أو ذا وضع اجتماعي فوق الممتاز (الظاهر صعب الإنسان يغير مستواه في العيش)، ابسط سؤال سيسأله ابسط مواطن أين كنتم البارحة يا من توعدون الناس اليوم .......؟؟ وهل رغد العيش الذي نراه من خلال الشعارات اليوم ممكن أن يكون ستارا لبلوغ كرسي المجلس التشريعي..؟؟؟ نعم المُهم الكرسي ولا شيء غير الكرسي ومن يُنكر هذا الميول يكون اكبر كاذب .
وما جعلني أُستدرج للضحك من أعماق أعماقي رغم حُزني وآلاْمِي على حالٍ لا يَسُرُ حتى الأعداء,  أن أحد المرشحين يسأل من يجلس بجانبه ويقول له من ذاك الشخص الذي يجلس هناك...؟؟ قال له فلان وكان  يقصدني، وقف بكل طوله شامخا شموخ الليمون...!! وقال لي أنت فلان...؟؟ قلت له نعم،  بدأ يُقبلني ويسأل عن حالي وعن أحوالي مع انه كان قد مر بجانبي في العام الماضي وسيارته الفخمة تخترق مطبات الهواء الساكن دون أن يُقدم أي اقتراح بالسلام والكلام...!!! ياله من نفاق استباح كل الأركان وتخطى أدبيات عدنان وقحطان وصال وجال في معركة من الكذب ليس فيها طرفان، هو المُتكلم في طريق من النسيان، ببساطه الشارع _ اذا لم يكن كله فالغالبية العظمى منه _ يُدرك ويَعي ويعرف كل الألوان ولا يخفى عليه الليل من النهار ولا السكوت من كُثر الكلام .
أنا لا استهجن الشعارات البراقة ولا استغرب الحملات الانتخابية، ومن حق كل مُرشح أن ينظر لنفسه بالطريقة التي يراها صحيحه مع تحذيري له بأن الفراغ الذي يقصده قد أُعدم وانتهى وان ما يدور حوله عيون  تنظر وتراقب وتتبع كل الخيوط القصيرة منها و الطويلة إنما يجب إدراك حقيقة هي أن فلسطين قد أُبتلعت من قبل الغول اليهودي، من قبل الفكر الصهيوني، وان حق العودة اصبح جسداً في عداد المفقودين ولم يَعُد لذكره أي أهميه وابتعد هذا الحق عن أصحابه بُعد السماء عن الأرض وربما اكثر،  فمفاتيح عكا وصفد قد أكلها الصدأ ولم يُعد بالإمكان استخدامها، والقدس... أصبحنا نتكلم عن الأرض التي تحت الأقصى وعن الأرض التي فوق الأقصى وعن الحارة الفلانية وعن الحي الفلاني وفي المناسبات فقط .
لم يقعْ نظري على شعارا واحدا يقول الخط الأحمر هو الحدود، اللاجئين، القدس والمياه وغيرها من الثوابت الفلسطينية، فقد تركت الزمرة التي تُشغل نفسها بريش النعام القضية المركزية للامه العربية و الاسلاميه وجعلت جُلَ اهتمامها الفساد وكأن الفساد قصة يوسف، و المصيبة الأعظم  أن هم من كان يمارس أساسيات الفساد وأن البسيط في هذا المجتمع لقادر على إظهار قضايا فساد على الغالبية العظمى من المُرشحين الذين مارسوا السلطة سواء كانت دستوريه أو تشريعيه أو مناصب حكومية أو مناصب ميدانيه فهذه قضيه كُشفت في العام 1996 وليست وليدة اللحظة من قِبَلْ لجنه دوليه مُحايدة عندما اختفى اكثر من (66) مليون دولار إن لم يكن أكثر، أي بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بسنتين وهذا يدلل على أن الفساد هو هدف و القضاء عليه دوامه والتحدث به قضيه، ربما يتم القضاء عليه اذا ما تحقق توقع الجانب الإسرائيلي بانهيار حتمي للسلطة الوطنية الفلسطينية ولا سمح الله، وهذا يعني الدخول في الطريق المُظلم، إلا اذا كان الأمر قد حُبِكَ بشكل جيد مع الاخوة في الأردن بشأن الضفة الغربية و الاخوة في مصر بشأن قطاع غزه... طبعا لا قدر الله.
  في نهاية المطاف سيتوجه  المواطن يوم 25-1-2006 إلى مراكز الاقتراع ليمارس حقه في الانتخاب _اذا ما تمت الانتخابات في الموعد المُحدد_ ولكن سيقف المُقترع مترددا لمن سيعطي هذا التفويض، ولكن في النهاية سيقترع وكله أمل أن تكون هذه الشعارات محل تطبيق ولو على الأقل 25% منها وبذلك يكون قد أنجز الشيء الكبير، وان لا تكون هذه الشعارات مجرد الجسر الذي سيعبر من خلاله المُرشح إلى المجلس التشريعي، وان لا تكون أوهام تتحطم عليها آمال المواطن في أول امتحان للمجلس المُنتخب، وإذا ما تحقق الخيار الأخير( فمنه العوض وعليه العوض).