الحالة الفلسطينية تقف أمام استحقاقات الحوار الوطني الفلسطيني كشرط لازم لتجاوز الحالة الراهنة التي تعيشها الساحة الفلسطينية بعد أن كانت الفتنة الداخلية تلقي بظلالها على الوضع الداخلي، فأعداؤنا اليوم يبحثون عن نقاط الاختلاف بيننا ليدخلوا من خلالها ويفرقوا صفوفنا، لذلك أدرك أعداؤنا بأن الوحدة فرضت نفسها على جميع ألوان الطيف السياسي بعد أن توصلت إلى توافق وطني على برنامج سياسي مشترك، فأرادت إسرائيل من خلال ذلك أن توجه لنا رسالة بأن الأمر لن يعجبها وسوف يحرجها وتريد تقويض كل شيء، من هنا جاءت العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة أمطار الصيف هذه العملية حلقة جديدة من حلقات العدوان الإسرائيلي المستمرة ضد الشعب الفلسطيني من أجل تكريس الاحتلال والاستيطان والعنصرية والضم من أجل تكريس الحل الإسرائيلي هو الحل والوحيد واتخذت من عملية كرم أبو سالم النوعية والجريئة ذريعة على أثر خطف الجندي جلعاد شليت، هذا المخطط الفاضح التي كانت تخطط له القيادة الإسرائيلية من أجل القضاء على الحلم الفلسطيني وقطع الطريق على ولادة شريك فلسطيني قوي جدا ويرفع في يده خطة سلام فلسطينية جديدة قادرة على كسر الحصار الخانق واختراق العزلة الدولية، لذلك دخلت المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية مرحلة جديدة وهي تدمير السلطة الوطنية والحكومة الفلسطينية وإبقاءها ضعيفة، مطواعة للاحتلال هذه العملية النوعية في المدى ألاستهدافي العداوني الذي بلغته الحملة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني لم يكن لها إن تقع لولا ضلوع الولايات المتحدة الأمريكية طرفا شريكا بالعدوان من خلال تأييدها للعدوان، فالشعب الفلسطيني يواجه منعطف مفصلي هام في ظل عدد من التحولات البالغة الأهمية على الصعيدين الدولي والإقليمي، هذه الهجمة تأتي في ظل مشاركة أمريكية وإحجام أوربي وغياب روسي وعجز أوربي ومن هنا يفهم سر التشبث الأمريكي الإسرائيلي بإقصاء حكومة الشعب الفلسطيني عن مسرح السياسة بسبب أن أمريكا وإسرائيل عجزت عن احتواء حكومة الشعب الفلسطيني سياسيا ومحاولة تطويعها وإخضاعها لمنطق الترغيب والترهيب بعد أن مارست على شعبها حرب تجويع غير مسبوقة وحصار ظالم جائر، هذه الإجراءات لن تكسر شوكة شعبنا ولن يستسلم ويرفع الراية البيضاء، ومن المؤسف أن هذه الإجراءات على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، لذا فعملية أمطار الصيف التي بدأت تسقط أمطارها على غزة حين قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف المنشات الحيوية من بنية تحتية مدنية هذه الأعمال البربرية الوحشية الغير مبررة تدل على أن القيادة الإسرائيلية تعيش حالة من الإرباك والتخبط وتشعر بالهزيمة نتيجة العملية العسكرية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في كرم أبو سالم، حقيقة أن إسرائيل هي المعتدية هي التي قامت بالقتل والعدوان والتدمير، حيث أعلنت الحرب على حكومة الشعب الفلسطيني من خلال ذلك نرى أن المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية دخلت مرحلة جديدة انتقلت إلى مستوى الحرب المفتوحة الهادفة إلى إنهاء حكومة الشعب الفلسطيني واستعادة إسرائيل المسؤولية المباشرة عن الأمن في مناطق الضفة الفلسطينية وتفكيك بنى السلطة الوطنية الفلسطينية منها والمدنية، وهذا فعلا ما أقدمت عليه إسرائيل باعتقالها وزراء وأعضاء مجلس تشريعي، هذا أن دل فإنما يدل على إرهاب دولة مخالف لاتفاقيات جنيف الرابعة وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وان يتدخل لوضع نهاية لهذه الخروقات وفقا لأحكام القانون الدولي وهذه السياسة خطيرة حيث لا يجوز لحكومة أن تسقط حكومة، وبذلك إسرائيل لم تبقي أي خيار أمام الفلسطينيين فهي أعلنت حرب مفتوحة لأن ما قامت به المقاومة الفلسطينية هو أمر مشروع قانونيا من أسر الجندي وهذا أسير حرب، أما ما أقدمت عليه إسرائيل فهو مخالف للأعراف الدولية وبذلك بدأت عملية أمطار الصيف تسقط أمطارها على الضفة الفلسطينية ونقول لمن يقول أن هناك فراغ قانوني عدم التعامل مع هذا الفراغ القانوني على حقيقة برفض تحقيق أهداف الاحتلال من إيجاده وهذا يكون بالدفاع عن الحكومة القائمة وشرعيتها، ومن المؤسف حتى هذه اللحظة الموفق العربي الصامت، ألم يسمعوا النداءان والاستغاثات والصرخات من الثكلى واليتامى وكذلك الموقف الأمريكي المنحاز لتل أبيب في الدفاع عن نفسها فهو مرفوض لأن المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني هي بسبب الاحتلال وان هذا الهجوم جاء لمعاقبة الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية، لذلك فالشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن تكسر أرادته وسيبقى شامخا مرابطا في وطنه ومن الملاحظ أن الساحة الفلسطينية دخلت صيفا متحمسا بتطورات متصارعة يقتفي بعضها أثر بعض وتتقاطع أخرى فيما بينها والكي يرى أن جملة هذه الأحداث تسير بشكل دراماتيكي مفاجئ وبعيد عن مخططات راسمي السياسة وصانعي القرارات، حيث أن الحر ب المفتوحة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أذا لم يتدخل العقلاء لوقفها فيكون العنف الإسرائيلي في صفوف الفلسطينيين ينتج عنه النقيض ما كانت تهدف إليه إسرائيل في كل دورة من دورات العنف فهو يحمل إلى الفلسطينيين موجه جديدة من الإحساس بالتلاحم وهكذا تتغذى دوامة العنف على المزيد من الدماء التي لا تتوقف إلا بقرار إسرائيلي بضرورة التسليم بأن لا حل عسكريا لما يجري وأن العودة مرة أخرى إلى المحاولات العقيمة لفرض حل سياسي بالقوة سوف يقود نحو دوامة العنف نفسها، لكن هذه المرة عبر منعطف جديد الأمر الذي يبقي توازن الرعب بين الطرفين قائما الرعب من ارتكاب الإسرائيليين للمجازر في صفوف الفلسطينيين والرعب من ردة فعل الفلسطينيون على مجازر الإسرائيليين، لذا يجب على إسرائيل أن تتعامل مع الفلسطينيين على قدم المساواة وليس كأتباع تستطيع فرض أرادتها عليهم، نحن مستعدين لوقف النزاع، نحن مستعدين للجلوس مع أي مسؤول إسرائيلي مهما كان تاريخه للتفاوض حول حرية الفلسطينيين ووقف الاحتلال نهائيا ومن أجل أمن إسرائيل، لكننا نجلس معا فقط كمتساوين وليس كأتباع كشركاء كطالبي عدالة وحل سلمي وليس كأمة مهزومة ممتنة لكل ما يتم نثره أمامنا، برغم التفوق العسكري الإسرائيلي، نحن نملك شيئا أعظم قوة العدالة .
وأخيرا نحن في المبادرة الوطنية الفلسطينية نؤكد على ما يلي وذلك للخروج من هذه الأزمة:
• ضرورة الإسراع في تشكيل قيادة وطنية موحدة يشارك فيها الجميع تجسد الوحدة الوطنية وتحقق جماعية القيادة والمشاركة في القرار الوطني وإقرار السياسة والممارسة العملية وتعزيزا لوحدة المرجعية ووحدة القرار والعمل لدعم المقاومة من أجل تحقيق الأهداف الوطنية وهذه الخطوة الهامة تضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية.
• العمل على امتلاك سياسة دولية مرنه وحيوية تستطيع أن تجمع حولها أوسع تأييد دولي في مواجهة الاستفراد والانحياز الأمريكي لصالح الاحتلال من أجل تسوية في أطار مؤتمر دولي ينعقد على أساس قرارات الشرعية الدولية وحل تفاوضي يلزم إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي المحتلة لعام 1967م ويفتح الطريق أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وتضمن حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 194.