تجربتي مع ديمقراطية بلادي / بقلم: فتحي فياض:

ديمقراطية بلادي مغايرة لمفهوم الديمقراطية الوضعي منذ بروزها و حتى يومنا هذا، فهي تعني في بلادنا غياب الوعي و الارتكاز على موالاة هذا الحزب أو ذاك على حساب المنطلقات الحرة و الوطنية بشكل عام، هذه الديمقراطية التي برزت بعد اوسلو و بعد مجلسنا التشريعي الموقر تعني الاقصاء والتشويه والتخوين لأن الوطنية في العقل الباطني لهذه الأحزاب موظفة للخدمة فقط، و عليه فيجب على الوطن كله الانصهار في بوتقة هذا الحزب و العكس غير صحيح من وجهة نظرهم، وعليه فأفعال القتل والتدمير للمجتمع الفلسطيني من أحزابنا المسلحة مقبول و مبرر، لقد أفرزت الاحزاب في بلادنا طبقات منتفعة عملها و شغلها الشاغل ينصب على المكائد و الدسائس للآخرين والعمل على التضليل المناسب لعامة الناس و الذي يصب في النهاية ضد الوطن و المواطن على حد سواء.

الاحزاب في بلادي ترتكز في تكتيكاتها على الموالاة وتنتقي من أفرادها الصفوة التي تأخذ كل الكعكة او معظمها وبقية الكعكة توزع على عناصر القاعدة والتي تنتقى من عناصر ذات وعي محدود وموجه، فهي لا تعي مجريات الامور الوطنية، فكان من نتائج هذه التكتيكات بروز امراض مجتمعية لا حصر لها ادت الى تفشي الفلتان الأمني والمؤدي الى القتل غير المبرر و الى تسارع الدمار الاجتماعي اضافة لترسيخ الفقر و الدمار الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني وبدعوى أنهم يعملون لتحقيق اهداف كبيرة ترتكز على الصمود والتصدي للاحتلال الصهويني.

كان من نتائج الديمقراطية في بلادي ان قدمنا لليهود على طبق من ذهب كل ما يريدون لشرعنة أفعالهم الشائنة ضد الأرض والانسان الفلسطيني دون عناء كبير منهم في تحقيق اهدافهم اللعينة. لقد تعدت افعال يهود في بلادي كل الخطوط الحمر فرأس الديمقراطية في بلادي ألا وهو رئيس المجلس التشريعي حبيس لدى الاحتلال وشرعية بلادي كلها في مهب الريح لقد نجم عن ذلك ان كل ما يفعله يهود مبرر وله ما يجيزه بحقنا في هذا العالم الظالم. وعلى الصعيد الداخلي اجد الديمقراطية في بلادي تعني التزاحم على الكراسي وعلى تزعم هذا الشعب بالرغم عن أنفه، هذه الممارسات حولت شعبنا إلى متسولين بالكامل فداء لتمسك المتنفذين بالكراسي كل في موقعه، وأحيانا ترتفع درجة العداء في شارعنا الى حد التربص والاقتتال وسقوط الضحايا، انها ديمقراطية الفوضى وأخشى ان اقول أنها فوضى منظمة.

وكان من افراز الديمقراطية في بلادي كثرة المحللين والسياسيين والاعلاميين على شاشات التلفزة يرسمون معالم وطن بلا حدود وبلا معالم. وكان من نتائج ذلك تجذر المحتل وجثومه على صدور شعبنا وارضنا بشكل أقوى من أي وقت مضى.

ديمقراطية بلادي عبارة عن مزيج من الحقد والاقصاء وعلامة يلفها التضليل والنفعية ممثلة في أشياء تافهة تكاد تسد الرمق، كيف نتصور هذا الاقتتال الداخلي لاناس ابرياء لا ذنب لهم سوى انتماءهم لهذا الحزب أو ذاك، لا استثني احد من الاقصاء فكل ابناء وطني على درجة واحدة ولهم الحق في العيش في وطنهم دون قتل لأسباب غير مبررة.

لقد أفرزت ديمقراطية بلادي قيادات فاشلة في إدارة البلاد والعباد وقد برروا ذلك بسبب المحتل ولكنهم كانوا ناجحين في البقاء على الكراسي والتنمر و التزعم فقط.

انهم فاشلون ولكنهم يراهنون على الاستزلام الحزبي وعدم وعي الجماهير من خلال اطلاق الشعارات والخطب الرنانة كإبر تخدير للأمة.

ان هذا الواقع يهدم ويدمر ولا يعمر ومرد ذلك بأن الاحتلال لا يفرز ديمقراطية، فالمحتل قادر على تدمير المجتمع من خلال ترسيخ الفرقة والاقصاء والتي يستغلها ديمقراطيو بلادي الجدد.

لقد ساهم المحتل والديمقراطيون في بلادي الى ارباك للساحة وضياع للبوصلة. وتحت وهم الاستقلال يذبح الانسان ويدمر الاقتصاد، ولكن آن الاوان لأن نقول بأن العيب ليس في مفاهيم الديمقراطية ولكن العيب فيمن يركبون موجاتها من أبناء بلادي الانتهازين والمتسلقين عليها حيث ان قيمتها فقدت منهم وليس منها وأقولها بصراحة ان الايام القادمة ستفرز ابناء حقيقين يفرزون الديمقراطية الصحيحة لتنعم البلاد والعباد في كنفها مهما طال ليل الزيف والرماد وحتماً ان التغيير قادم.