أطلقها القاضي تيسير التميمي والنائب د. مصطفى البرغوثي والأب المطران عطا الله حنا

أطلق كل من النائب الدكتور مصطفى البرغوثي، أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، وفضيلة الشيخ د. تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، وغبطة الأب د. عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطيا للروم الأرثذوكس، مبادرة للمصالحة الوطنية والوحدة الوطنية، وأعلن ثلاثتهم عم التحضير للإتصال بكافة الأطراف الفلسطينية، وتحديداً فتح وحماس، من أجل إنجاح هذه المبادرة والتوصل لتوافق وطني، ما من شأنه التقديم لإقامة حكومة وحدة وطنية ووقف نزيف الاقتتال الداخلي والفلتان الأمني المستمر في غزة والضفة منذ أيام.

ونادى المشاركون في المؤتمر جميع الأطراف، وفي مقدمتها فتح وحماس، سحب كافة العناصر المسلحة من الشوارع، والاحتكام لآلية سلمية ديمقراطية وحضارية لحل الخلافات الداخلية. لأن الاقتتال الدائر المستفيد الوحيد منه هو الاحتلال، وأن الخاسر الوحيد هو كل الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية و الإسلامية. كما دعا المتحدثون في المؤتمر، كافة الأطر الفلسطينية، والهيئات الدينية والدنيوية، ومؤسسات المجتمع المدني، والاتحادات والنقابات المهنية، وكافة شرائح الشعب الفلسطيني، المشاركة الفاعلة في الضغط من أجل وقف الاقتتال الداخلي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبأنه لا بد من إعادة تركيز الجهد المبذول من أجل الالتفات لمصالح شعبنا، الذي يرزح أكثر من 80% منه تحت خط الفقر، والذي يعاني انقطاع الرواتب، وسوء الخدمات الصحية، ومشاكل تغطية نفقات التعليم في المدارس والجامعات. ونوه المشاركون، أن المبادرة التي يطلقونها ستتوسع وتنتظم من خلال برنامج عمل جدي وسريع للوصول إلى التوافق الوطني.

وفي حديثه خلال المؤتمر الصحفي، أكد د. مصطفى البرغوثي، أن الصراع الدائر الآن بين الأخوة، هو اقتتال على سلطة وهمية لا وجود لأي سيادة لها، لأنه صراع على سلطة محرومة من كل أنواع السيادة. وردد مقولة أحد المواطنين بأن الاحتلال رسم لنا كرسياً على ورق، وها نحن الآن نتقاتل على ذلك الكرسي المرسوم. وبأن هذا الاقتتال الداخلي المؤسف، يستمر في وقت يحاصر فيه الاحتلال قطاع غزة، ويستمر في الاعتداءات والانتهاكات داخل الضفة الغربية. وبذلك فإن الشعب الفلسطيني إذا ما استمر هذا الصراع، مقبل على خسارة معركة التحرر الوطني، لأن إسرائيل تنتهز الفرصة من وقوع الفتنة بين الفلسطينيين، لتقول للعالم بأن الشعب الفلسطيني الذي يطالبها العالم بإنهاء احتلالها لأرضه، لا يستحق دولة.

وأضاف البرغوثي: إن الاقتتال الجاري الآن، لا يهدد فقط حياة كل امرأة وطفل وشاب ومسن فلسطيني، بل يهدد كذلك كل تضحيات شعبنا من أجل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ويهدد كذلك ما أنجز من معركة شعبنا ضد جدار الفصل العنصري والاستيطان، ونظام التمييز العنصري الذي يتعرض له أبناء شعبنا.

واعتبر د. البرغوثي، بأن الاقتتال الداخلي هو نتيجة فشل جهود تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، الذي شارك بنفسه في جزء كبير منها، ومن تجربته في الوساطة بين فتح وحماس، أكد البرغوثي أنه لا يوجد سبب واحد حقيقي يعيق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والذهاب إلى قيادة وطنية موحدة من خلال تفعيل منظمة التحرير لتضم كافة القوى الوطنية والإسلامية.


من جهته أكد فضيلة الشيخ د. تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، على المبادرة التي أعلن عنها د. مصطفى البرغوثي، وبأنه سيساهم شخصياً في سبيل إنجاحها. اعتبر التميمي، أنه لا يوجد أي خيار سوى الوحدة والتوافق الوطني، لأن بديل ذلك هو الدمار والاقتتال. وذكر بقوله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا، وبأنه والأب عطا الله حنا والدكتور البرغوثي مستعدون للقيام بأي جهد من شأنه وقف نزيف الدم الفلسطيني ووأد الفتنة.
كما أكد د. التميمي، بأنه يقوم هو وكل علماء فلسطين، وعلماء العالمين العربي والإسلامي، بتبيان حكم الشرع في الاقتتال الداخلي، لأنه لا يجوز تحت أي ظرف سفك الدم الفلسطيني بيد فلسطينية، مذكراً أيضاً بالحديث الشريف: إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار. وناشد الشيخ التميمي كل من فتح وحماس، باسم الله والشهداء والجرحى والمقدسات الإسلامية والمسيحية التوقف فوراً عن الاقتتال، وسحب كافة المظاهر المسلحة من الشوارع. كما دعا الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية عدم المشاركة في هذا الاقتتال، معتبراً أن مهمتها أكبر وأهم وأعظم من ذلك، وهي تحرير الأرض والإنسان.

من جهته، قال غبطة الأب د. عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطيا للروم الأرذوكس، بأن اللقاء الذي يجمعه مع الشيخ تيسير التميمي ود. مصطفى البرغوثي، هو لقاء من أجل الوحدة الوطنية، هو لقاء الأخوة التي تجمع الجميع في هذا الوطن مسلمين ومسيحيين. وبأن تواجدهم يأتي ليعلنوا عن مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية، والتي سيبذلون في سبيل تحقيقها كل ما يملكون من علاقات وجهد. وبأنهم سيعملون على التواصل مع فتح وحماس، لتكوين جسر بين الأخوة وتحقيق المصالحة الوطنية، ومن أجل وقف هذا الاقتتال، لأن استمراره سيكون له تداعيات كارثية. وأضاف الأب عطا الله حنا، بأن التعددية السياسية لا تعني بأي حال الاقتتال، وبأن الفلسطينيين يريدون دولة فلسطينية ديمقراطية، بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

واعتبر د. الأب عطا الله حنا، بأن الانتماء للأمة العربية وللهوية الوطنية الفلسطينية، هو أهم من أي انتماء فصائلي. وبأنه على الجميع الجلوس إلى طاولة واحدة، لأن الحل والوفاق ليس أمراً مستحيلاً إذا توفرت النية لذلك. وبأن المطلوب ليس فقط حكومة وحدة وطنية، بل تعزيز ثقافة الوحدة والتلاقي. واعتبر أن ما شهدته الأراضي الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية هو أمر مخجل. وأن الأحداث المؤسفة التي حصلت في قطاع غزة تدعوا كل الفلسطينيين الغيورين على المصلحة الوطنية لتحمل مسؤولياتهم. وبأن القواسم كبيرة ومهمة بين الجميع، على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، القدس التي من أجل تحريرها لا بد من الوحدة، في وقت تستمر فيه قوات الاحتلال بتهويد المدينة.

وأنهى الأب عطا الله حنا حديثه قائلاً: أناشد الأخوة في فتح وحماس، باسم القدس، والأقصى والقيامة، وباسم شهداء وجرحى ومعتقلي فلسطين، وباسم شعبنا في الداخل والخارج، وقف هذا الاقتتال وهذه الكارثة المحدقة بشعبنا إذا ما استمرت حالة الاقتتال الداخلي. وأكد أنه والشيخ التميمي، والدكتور البرغوثي سيواصلون عملهم الدؤوب لإنجاح مبادرة الوحدة والمصالحة الوطنية.