تل ابيب-قالت صحيفة »هآرتس« امس انه يتضح من رد رسمي اسرائيلي على التماس قدم الى المحكمة العليا ومن اقوال مصادر امنية اسرائيلية ان ايهود اولمرت رئيس الحكومة الاسرائيلية صادق على تحريك جدار الفصل عن الخط الاخضر شرقاً من اراضي الضفة الغربية في منطقة موديعين عيليت لمسافة خمسة كيلومترات على الاقل من هذا الخط وذلك من اجل ان تدخل في اطاره مستوطنتا »نيلي« و»نعلة«، وسيؤدي المسار الجديد للجدار الى ايجاد جيبين فلسطينيين يعيش فيهما حوالي 20 الف فلسطيني سيعزلون عن باقي الضفة الغربية المحتلة.
وجاء قرار اولمرت هذا في اعقاب الضغوط التي مارسها سكان المستوطنتين الذين بقوا خارج مسار جدار الفصل كما صادقت عليه الحكومة الاسرائيلية في نيسان عام 2006.
وسيؤدي »تعديل« مسار جدار الفصل لصالح المستوطنتين التي يعيش فيهما حوالي 1500 مستوطن الى اطالة الجدار بحوالي 12 كم على الاقل والى زيادة تكلفة بنائه بحوالي 120 مليون شيكل على الاقل، واذا صادقت الحكومة على قرار اولمرت فسيشكل هذا المرة الاولى التي تقرر فيها الحكومة »تحريك« الجدار نحو الشرق رغم القرار السابق الذي اتخذته وكانت جميع قرارات »تحريك« الجدار حتى الان تتعلق بإزاحته نحو الغرب، باتجاه الخط الاخضر.
و»نيلي« و»نعلة« مستوطنتان علمانيتان اقيمتا في سنوات الثمانينات على بعد خمسة كيلومترات من الخط الاخضر، ووفقاً لقرار الحكومة الصادر في شباط عام 2004 حول مسار الجدار من المقرر اقامة جدار مزدوج حول المستوطنتين، الاول على طول الخط الاخضر والثاني قرب المستوطنتين، وكان من المقرر بقاء حوالي خمس قرى فلسطينية منها نعلين وبدرس وقبيه وقرى اخرى يعيش فيها حوالي 20 الف فلسطيني في جيب بين الخط الاخضر و »جدار العمق« قرب مستوطنتي نيلي ونعلة.
ووجهت المحكمة العليا في حزيران عام 2004 تعليمات بتفكيك مقاطع من الجدار في منطقة بيت سوريك لانها تمس و»بصورة غير فورية« بطابع حياة الفلسطينيين، وبدأت الهيئة الامنية في اعقاب هذا القرار باقتراح مقاطع من الجدار قريبة من الخط الاخضر. وذلك خوفاَ من ان يؤدي المسار الداخل في عمق المناطق الفلسطينية الى تقديم التماسات للمحكمة العليا واتخاذ الاخيرة احرازات بتفكيك مقاطع من الجدار بعد بنائها.
وتقرر في هذا الاطار الغاء معظم الجيوب »وجدران العمق« التي اعدت للجدار مثل جيب نعلين-بدرس-قبية، وصادقت الحكومة في نيسان عام 2006 على مسار يمر شمال موديعين عيليت ويبقي نيلي ونعلة خارج الجدار.
وقال روتي هرنيك رئيس لجنة مستوطنة »نعلة« انه بعد اتخاذ هذا القرار توجهت قيادة المستوطنتين الى اوساط كثيرة مطالبة باستبدال المسار. ووفقاً لاقواله فإن الذريعة الرئيسة التي اعتمدوا عليها هي ان المستوطنتين قائمتان على اراضي دولة ولهذا توجد احتمالات كبيرة لمصادقة المحكمة العليا على المسار الجديد للجدار وذلك لانه لا يمكن اشارتها الى المس بـ »نمط حياة« الفلسطينيين، ووفقاً لهرنيك فان البريغادير جنرال داني ترزه المسؤول السابق من قبل الحكومة على تحديد مسار الجدار هو الشخص المركزي الذي دفع باتجاه ضم المستوطنتين في اطار جدار الفصل، وتم وقف ترزه عن عمله في وزارة الدفاع في اعقاب تقديمه بياناً غير دقيق للمحكمة العليا.
ويؤكد هرنيك ان موضوع استبدال مسار الجدار وضم نيلي ونعلة في اطاره طرح على ايهود اولمرت رئيس الحكومة، وقال: »وكما اعرف حصل على موافقته«، وقالت مصادر امنية ان اولمرت صادق في تشرين الثاني عام 2006 على المسار الجديد بصورة مبدئية وكلف الهيئة الامنية باعداد اقتراح من اجل عرضه على الحكومة للمصادقة عليه.
وكتب ممثل الادعاء العام في رد قدم للمحكمة العليا في الايام الاخيرة في اطار المداولات حول الالتماس الذي قدمه المحامي ابينر فيتشوك من جمعية »حقوق المواطن« ضد المسار، الذي تمت المصادقة عليه في قرية »نعلين«: »سيعرض على الحكومة الاسرائيلية في المستقبل اقتراح بتعديل مسار الجدار الامني بحيث يتضمن المسار مستوطنتي نيلي ونعله، وقطاعا من الشارع الذي يربط بين مفترق طرق نيلي-نعله وبين منطقة كريات سفر »موديعين عيليت«.
واضاف هرنيك انه اضافة للجدار من المفروض تعبيد شارع جديد عوضاً عن الشارع 446 الحالي بحيث يربط موديعين عيليت ونيلي مع مستوطنة عوفريم التي من المفروض مرور جدار الفصل جنوبها وستحمي قوات الامن الشارع الذي لن يسمح للفلسطينيين باستخدامه، كما سيتم فتح معبرين تحت الشارع قرب قريتي نعلين وشقبه لمرور الفلسطينيين، وهكذا سيوجد حوالي عشرين الف فلسطيني في قرى المنطقة في جيب حدوده الجدار على الخط الاخضر من الغرب والشارع والجدار حول مستوطنتي نيلي ونعلة من الشرق وسيوجد جيب آخر حول قرية دير قديس التي يعيش فيها حوالي 2000 فلسطيني، يحاط بجدار من ثلاث جهات.
ويقول المحامي فيتشوك، ان تغير مسار الجدار يشير الى »توجهات مقلقة حيال زيادة الحاق الاضرار بالسكان الفلسطينيين بدون اي تغير بالظروف التي ادت الى تحديد المسار منذ البداية«، وقال آلون كوهين-ليفتش من جمعية »يمكوم« التي اصدرت مؤخراً تقريراً حذر من سجن حوالي 250 الف فلسطيني في جيوب من انواع مختلفة في اعقاب اقامة جدار الفصل بان حقيقة مصادقة المحكمة العليا على مسار جيب بيرنبالا قرب القدس »تسمح للدولة بإيجاد جيوب اخرى«.
وقالت مصادر في مكتب اولمرت، انه عرض على رئيس الحكومة مخططا لدمج شبكة الدفاع عن مستوطنتي نعله ونيلي بجدار الفصل، وطلب رئيس الحكومة دراسة الموضوع واعلن انه في اعقاب الدراسة سيتم بحث الحكومة في اجتماع حكومي، وعلم من الناطق بلسان الجيش ومن وزارة الدفاع: »عرض في الهيئة الامنية قبل عدة اشهر اقتراح لاحاطة المستوطنتين المذكورتين الى كريات سفر وتجري في الهيئة الامنية في هذه الايام دراسة بدائل مختلفة«.
وقالت ميري ايسين المتحدثة باسم اولمرت ان تقرير »هارتس« غير دقيق لان اولمرت لا يستطيع ان يلغي ببساطة قرارا حكوميا حول المسار الاصلي للجدار.
وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ان الخطوة الاسرائيلية تقوض كل شيء نعمله لانعاش عملية السلام.
واضاف عريقات ان الجدار هو استمرار للخطوات احادية الجانب وسياسة الاملاء ويدمر الفرص لاية مفاوضات حقيقية.