بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس التشريعي الفلسطيني
في هذه اللحظات التاريخية العصيبة من عمر قضية شعبنا وأمتنا تتجه أنظار كل شعبنا نحو مكة المكرمة، ونحن في المجلس التشريعي الفلسطيني ممثلاً برئاسته وكتله وقوائمه الانتخابية وأعضائه جميعاً، نشارك شعبنا أمله أن تسفر هذه اللقاءات في تلك البقعة الطاهرة عن اتفاق ينهي حالة الاقتتال المرفوضة شكلاً ومضموناً والمدانة وطنياً وأخلاقياً.
وفي الوقت الذي تصعد فيه قوات الاحتلال من اعتداءاتها الهمجية على شعبنا وممتلكاته ومقدساته. من خلال الجدار والاستيطان الذي ينهب الأرض الفلسطينية ويهدد ما تبقى منها، والحفريات المتواصلة تحت المسجد الأقصى المبارك، وتهدد أجزاء منه بالهدم بحجة إقامة الهيكل المزعوم، مما جعل القدس بكاملها والأقصى بشكل خاص في خطر حقيقي وغير مسبوق، في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي عن جرائم الاحتلال.
وفي ظل هذه الأحداث المتسارعة، يستمر الاحتلال في ممارسة جرائمه حيث ينشغل البعض من أبناء شعبنا في الاقتتال الداخلي، الذي أزهق العشرات من الأرواح البريئة، والحق دماراً واسعاً بالممتلكات العامة والخاصة، وترك آثاراً سلبية سواء على مستوى الآثار الجسدية المتمثلة بالإصابات والإعاقات، أو الآثار النفسية التي خلقت جواً مشحوناً بين أبناء الشعب الواحد، وأصحاب المشروع الوطني الواحد.
وقد كان هذا المجلس باعتباره بيتاً لكل أبناء الشعب الفلسطيني، وممثلاً لإرادته هو صاحب المبادرة لدعوة الفصائل والقوى والشخصيات إلى الحوار الوطني الذي أوصل الجميع إلى اتفاق حول تفاهم وطني تمثل بوثيقة الأسرى، وسمي بعد ذلك بوثيقة الوفاق الوطني.
فباسم أبناء شعبنا في الداخل والشتات ووفاءً لأرواح شهداء شعبنا وامتنا، والتزاماً مع أسرانا في سجون الاحتلال وعلى رأسهم رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك وزملائه النواب، باسم التمسك بحق لاجئينا في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، باسم التمسك بالحلم الفلسطيني وبوعد الحفاظ على قوت أطفالنا وعلاجهم، وباسم أكثرية موقفينا، باسم الفقراء والمعتقلين والمزارعين وأبناء اللجوء في الوطن والمنافي.
باسم هؤلاء جميعا نتوجه إليكم انتم المجتمعون اليوم في مكة المكرمة أن تكون نواياكم وإرادتكم وقراركم صادقاً وجدياً، ومستجيباً لإرادة شعبكم في حقن دماء أبنائنا والوصول إلى اتفاق مشرف ينقذ شعبنا وقضيتنا، لنتفرغ للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى الذي يتعرض مجدداً لهجمة استيطانية شرسة، ونعلن ما يلي:
1. إن العدوان الإسرائيلي على المدينة بشكل عام وعلى المسجد الأقصى بشكل خاص، والهادف إلى تهويد المدينة العربية والإسلامية مستنكر ومرفوض، ولا ينشيء أو يلغي حقوقاً قانونية
وتاريخية، وندعو أبناء شعبنا وامتنا للتصدي لهذا العدوان من خلال تحرك جدي وفاعل.
2. رفض المجلس التشريعي لكافة أشكال الاقتتال الداخلي أياً كانت الظروف والأسباب، وتحت أية ذريعة من الذرائع، باعتبار الدم الفلسطيني ومؤسسات شعبنا خطوطاً حمراء، وسلاح المقاومة سلاح نظيف لا يوجه إلى إلا لصدور العدو المشترك الذي لا يزال يسلب أرضنا ويقتل أبناءنا.
3. ضرورة تغليب العقل ولغة الحوار في أي إشكال يمكن أن يقع بين الإخوة وأبناء الدم والشعب الواحد، وان لا يتحول أي إشكال أو اختلاف إلى صراع على الأرض، باعتبار أن اختلافنا في الرأي لا يعني اختلافاً على الهدف.
4. نطالب بوقف كافة مظاهر التسلح، وسحب المسلحين من الشوارع والابتعاد عن أي مظهر يمكن أن يثير أو يشحن النفوس، وإعطاء جهاز الشرطة دوره في حفظ والنظام باعتباره الجهة الوحيدة المخولة بذلك وفقاً للقانون.
5. نوجه نداء للفصائل الفلسطينية جمعاء بضرورة تحقيق مصالحة شعبية ووطنية شاملة والتوقف عن الاستخفاف بأرواح أبناء شعبنا، والكف عن إراقة الدماء دون هدف يخدم المصلحة الوطنية، وادخار السلاح للمعركة الحقيقية مع الاحتلال.
6. نطالب المجتمعين بالخروج باتفاق حول شراكة سياسية حقيقية ممثلة بحكومة وحدة وطنية، لمنع الاقتتال، وإنهاء الاحتقان، والحفاظ على الثوابت الوطنية، وأيضاً كسر الحصار المالي والسياسي.
7. نؤكد على دورنا الذي كنا ولا زلنا نمارسه في احتضان أبناء شعبنا وفصائلنا في أي ظرف كان، ونفتح صدورنا لكم مرة أخرى لتعودوا إلى البيت الفلسطيني الواسع، إلى مقر الشعب، للمجلس التشريعي، للمصادقة وتثبيت أي اتفاق تتوصلون إليه بهدف تعزيز وحدتنا الوطنية التي من اجلها ارتقى الشهداء ولا زال يعاني ألاف الأسرى في سبيل تحقيق الحلم بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
8. ندين بأشد عبارات الإدانة الاعتداءات التي طالت المؤسسات العامة والخاصة من الجامعات والمدارس ومقرات الأمن والمساجد والجمعيات من أي طرف كان، ونعتبر ذلك هدما للبنية التحتية الفلسطينية وتخريباً للممتلكات العامة، وتقويضاً لكل الأسس التي تبنى للدولة المستقلة، ونطالب بان تكون هذه المؤسسات بعيدة عن أي خلافات شخصية أو حزبية.
9. نثمن عالياً دور الإعلاميين ووسائل الإعلام في فضح جرائم الاحتلال، ونطالب بتوفير الحماية لهم وإبقائهم بعيدين عن أي خلافات والكف عن استهدافهم. ونطالب وسائل الإعلام المحلية والفضائية بعدم بث أي تصريحات أو لقاءات من شانها توتير الأجواء وإثارة الفتن. كما نطالب المتحدثين الرسميين للفصائل بالكف عن المناكفات عبر وسائل الإعلام وتحريض الشارع المشحون.
هذه الرسالة نوجهها لكم اليوم، وكلنا أمل أن تجد صدى في عقولكم وقلوبكم، وان تفتحوا عيونكن على الأخطار المحدقة بشعبنا ومقدساتنا، وعلى مخططات الاحتلال الرامية إلى تحقيق كل أهدافه في ظل الانشغال بالاقتتال الداخلي، فلا تعطوا الاحتلال الفرصة لتمرير برامجه، ولا تعطوا العالم الفرصة للاستمرار في معاقبة شعبنا، والتدخل بشكل سافر في أموره الداخلية، ولتكن الوحدة الوطنية هي اللبنة الأولي الطريق للعمل المشترك على جميع الأصعدة في الساحة الفلسطينية.