نقلاً عن المركز الفلسطيني للاعلام
دعا المشاركون في حلقة دراسية عن ظاهرة الفقر بين الفلسطينيين في قطاع غزة، إلى تعزيز الإصلاح المالي والإداري في مؤسسات السلطة الفلسطينية، لضمان سياسات فعالة لمكافحة الفقر، والاهتمام بالقطاع الإنتاجي والصناعي، ودعم المشروعات الصغيرة المدرة للدخل.
وحذّر المشاركون في الحلقة من الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني، لأنه يمثل عقاباً جماعيًا يتعارض ومبادئ حقوق الإنسان، كما نحوا باللائمة على السلطة الفلسطينية لعدم تبنيها برنامجا واضحا وفعالا لمكافحة الفقر.
وكانت الحلقة التي نظمتها مؤخراً وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمدينة غزة بعنوان الفقر في قطاع غزة على مدار يومين وقُدِّمت فيها ست أوراق عمل؛ قد ناقشت العوامل الداخلية والخارجية المرتبطة بالفقر في الحالة الفلسطينية، وذلك بمشاركة مجموعة من الأكاديميين وممثلي الوزارات والمؤسسات الأهلية العاملة في مجالات الإغاثة والتنمية وحقوق الإنسان.
المساعدات الدولية
وفي الجلسة الافتتاحية؛ ألقى جبر وشاح نائب مدير المركز الحقوقي كلمة أثار فيها التساؤلات عن الأسباب الحقيقية للفقر، وطالب الباحثين المهتمين بالموضوع بدراسة مدى مساهمة الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في ذلك، وبحث علاقة المساعدات المقدمة له وإيجاد فرص العمل المؤقتة، والفساد المالي والإداري للسلطة؛ بحالة الفقر المتفاقمة. وخلص وشاح إلى أنّ أية مساعدات دولية تُوجّه إلى الشعب الفلسطيني في غير إطار تنمية مستدامة تعتبر محاولات عبثية للقضاء على الفقر، حسب تقديره.
ومن جانبه؛ تطرّق الدكتور بسام أبو حشيش، الأستاذ بجامعة الأقصى، إلى حالة الفقر بين الفلسطينيين، وتناول مفهوم الفقر، مميزا بين ثلاثة معانٍ له وهي: الفقر الاجتماعي، والعوز والحاجة، والفقر الأخلاقي. وفضّل أبو حشيش تعريف مفهوم الفقر من منظور حقوق الإنسان، أي كل ما يترك أثراً نتيجة الممارسات والانتهاكات الممارسة ضد الشعب الفلسطيني، موضحاً أنّ التأثير السلبي لهذه الممارسات ينطوي على إهدار لكرامة الإنسان الفلسطيني.
وانتقد الأكاديمي الفلسطيني مقاييس الفقر المستخدمة في الضفة والقطاع، وتضارب نسب الفقر بين المؤسسات الفلسطينية سواء كانت حكومية أو تابعة لمنظمات المجتمع المدني، مرجعاً السبب في ذلك إلى التقارير التي تصدرها هذه المؤسسات والتي غالباً ما ترتبط بأغراض سياسية، حسب ما جاء في ورقته.
إفقار منظم
وبدوره؛ تناول يحيى الغلبان، مدير دائرة مكافحة الفقر بوزارة التخطيط الفلسطينية، تجربة عمل الفريق الوطني لمكافحة الفقر، مشيراً إلى ارتباط الفقر في الحالة الفلسطينية بعامل داخلي، وآخر خارجي، وتحدث عن تطوّر مفهوم الفقر من البحث عن حالة الإشباع إلى تحقيق الكرامة الإنسانية. وقال الغلبان إنّ الفقر في فلسطين يرتبط بالاحتلال، بكل ما نتج عنه من حالة إفقار منظمة للمجتمع الفلسطيني، وتناول الفجوة التي لا تزال تعاني منها خطط وبرامج مكافحة الفقر.
ومن جهتها؛ تحدثت الدكتورة سناء الخزندار، مدير عام برامج التنمية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية، عن مشروع شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الشريحة الأشد فقراً، والذي نفذته الوزارة بالتعاون مع وكالة الغوث وبعض المؤسسات الدولية والمحلية.
وعرضت الخزندار شروط المشروع التي اعتبرت أنّ من أهمها الالتزام ببرامج التعليم والتطعيم وذلك لمواجهة سوء التغذية وفقر الدم والتسرب المدرسي وارتفاع نسبة البطالة والفقر، مؤكدة أنّ أهم المشكلات التي واجهت المشروع هي عدم توفر قاعدة بيانات وطنية لمنع ازدواجية تقديم الخدمة وعدم التزام الفئة المستهدفة بالتعليم والتطعيم، وكذلك التمويل.
كما تطرق الدكتور محمد السوسي، مدير الإغاثة الإسلامية في قطاع غزة، إلى دور الجمعية في مكافحة الفقر، مشدداً على أنّها تركز على المشروعات الإنتاجية الصغيرة المشغلة للعمال، في إطار مواجهتها الجادة للفقر، جنباً إلى جنب المشاريع الاغاثية التي تقدمها كدعم الخريجين وكفالة الأطفال خاصة الأيتام منهم.
وفي سياق الندوة؛ انتقد الخبير التنموي عمر شعبان، برامج مكافحة الفقر في فلسطين، مؤكداً أنّ معظمها اعتمد على الجانب الإغاثي وساهم في انتشار ثقافة الفقر وارتفاع نسبته بدلاً من محاربته والقضاء عليه. ولفت شعبان الانتباه إلى أنّ ما يجري من إفقار للشعب الفلسطيني ليس ببعيد عما يدور في الساحة الدولية، منتقداً عدم وجود برنامج في السلطة الفلسطينية لمكافحة الفقر، بحسب مداخلته.
عقاب جماعي
وقد اعتبر خليل شاهين، مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في الورقة التي قدمها للحلقة الدراسية عن العقوبات الدولية وأثرها على الفقر في الأراضي الفلسطينية؛ أنّ الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني متمثلا بقرار الدول المانحة وقف المساعدات المالية؛ هو عقاب جماعي يتعارض ومبادئ حقوق الإنسان.
وأوضح شاهين أنّ تلك العقوبات أدّت إلى تدهور خطير في المستوى المعيشي للمدنيين الفلسطينيين وتفاقم أوضاعهم الإنسانية، نتيجة ارتفاع معدلات البطالة والفقر، متطرقاً إلى تداعيات الحصار الدولي المفروض على القطاعات الحيوية خاصة الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية.
واختتم شاهين ورقته بلفت الانتباه إلى الآثار المترتبة على سياسة إغلاق المعابر والاعتداءات الصهيونية على البنية التحتية والمشاريع الإستراتيجية الفلسطينية، كقصف محطة الكهرباء والجسور والطرق الواصلة بين مدن القطاع، وتردي الظروف المعيشية بصورة غير مسبوقة.
يُذكر أنّ معطيات الجهاز الإحصائي الفلسطيني في رام الله تشير إلى اتساع ظاهرة الفقر في الأراضي الفلسطينية وتفاقمها في السنوات الأخيرة، حيث وصلت معدلاتها في الضفة والقطاع إلى حوالي 58 في المائة بالمتوسط، فيما ارتفعت لتشمل ثلثي الأسر الفلسطينية في قطاع غزة.