الدكتور البرغوثي :نحتاج الى اعلام مكافح وليس الى اعلام مساير، ويجب مواجهة الرواية الاسرائيلية بالرواية الفلسطينية

رام الله: اكد وزير الاعلام الدكتور مصطفى البرغوثي أنه ما من قضية تعرضت للتشويه الإعلامي الممنهج والمنظم مثل القضية الفلسطينية، مع أنه ما من قضية تتسم بالعدالة الواضحة مثل تلك القضية.

وقال البرغوثي في كلمة القاها في مؤتمر فلسطين عام 2007 الذي نظمه مركز بدائل في فندق بست ايسترن في رام الله انه يجب انتزاع زمام المبادرة من اجل تقديم ارواية الاعلامية الحقيقية حول ما يتعرض له شعبنا من عدوان وقهر واضطهاد من قبل اسرائيل.

واكد البرغوثي ان اخطر ما يهدد وجودنا هي محاولات نشر الروح الانهزامية وفقدان الثقة بالشعب  او محاولات نسف الديمقراطية الفلسطينية والغاء حق الشعب في الانتخاب والاختيار لصالح نخب بيروقراطية عفا عليها الزمن وفقدت الثقة بقدرة شعبنا وبعدالة القضية الفلسطينية واصبحت اسيرة لاملاءات خارجية.

واكد  البرغوثي ضرورة استنهاض التضامن مع شعبنا الفلسطيني من اجل نشر الرواية الفلسطينية الحقيقية مشيرا الى ان هدفنا الاعلامي  هو تجنيد الاعلام العربي والدولي الى جانب قضيتنا الفلسطينية العادلة ونضال شعبنا العادل.

 واضاف وزير الاعلام الفلسطيني انه إذا كنا نعيش في عصر يمكن وصفه بأنه عصر العولمة الهوجاء وتدفق المعلومات دون حدود ولا قيود، فإن كسب الساحة الإعلامية والرأي العام يمثل ثلاثة أرباع المعركة.

واشار البرغوثي الى اننا في عصر يمكن فيه للقوة العسكرية أن تربح المعارك وتخسر الحروب، ونحن في عصر يمكن أيضا للقوة الأضعف عسكريا أن تكسب الصراع بحسن الإدارة ووحدة البنيان الداخلي وقوة التنظيم والإعلام المؤثر.

وقال البرغوثي ان مفهوم القوة بالمعنى الاستراتيجي قد تغير، ولسنا بحاجة لأن نبحث بعيدا عن أدلة على ذلك فما جرى في جنوب لبنان من فشل ماحق للجيش الإسرائيلي وما يشهده العراق وما حققته الانتفاضة الفلسطينية الأولى خير شواهد على ذلك.

واكد البرغوثي ان التركيز على أن قضية فلسطين وانتصار نضال شعبنا لتحقيق الحرية والاستقلال والعودة، يعتمد كثيرا على نقطة محددة، وهي تقديم الرواية الحقيقية والصحيحة لما يجري، أولا لأنفسنا وثانيا لأشقائنا وثالثا للعالم أجمع.

واوضح البرغوثي ان الرواية والرؤية الإسرائيلية هيمنت  طويلا على الإعلام العالمي، بل وتسللت إلى الإعلام العربي، وتحاول دون هوادة التسلل إلى وعينا وإدراكنا ونفسيتنا وهي رواية بنيت على ثلاثة عناصر هي نزع إنسانية الفلسطينيين وقضيتهم ونزع شرعية نضالهم العادل والادعاء المتكرر بصلافة وإصرار بأن إسرائيل هي الضحية في هذا الصراع وفي أحسن الأحوال، وعند انفضاح القمع الإسرائيلي، الادعاء بأن النزاع هو مجرد نزاع بين طرفين متماثلين في الأخطاء والمسؤولية.

وقال البرغوثي ان كل ذلك يحصل مع تشويه لا يعقل، من خلال المعلومات المضللة، حتى وصل الامر إلى حد أن 50% من سكان الولايات المتحدة يعتقدوا بأن الفلسطينيين هم الذين يحتلون الإسرائيليين، وأن كل فلسطيني هو بالضرورة "إرهابي" حتى يثبت العكس.

واضاف البرغوثي إننا لا نستطيع تقديم رؤيتنا وروايتنا دون أن نتفق مع أنفسنا على مفهوم موحد محدد وواضح،وان نقطة الانطلاق هنا، أن قضية الشعب الفلسطيني ليست قضية نزاع بين طرفين أو دينين أو بلدين، بل هي قضية تحرر وطني لشعب تعرض لأبشع استعمار استيطاني في القرن العشرين، ويعيش احتلالا أصبح الأطول في تاريخ البشرية الحديث ببلوغه أربعين عاما، ويضطهد بنظام فصل عنصري (أبارتهايد) هو بكلمات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، أسوأ من نظام الفصل العنصري الذي ساد في جنوب إفريقيا.

واستعرض البرغوثي المعاناة الطويلة للشعب الفلسطيني الذي هجر جزء كبير منه من وطنه بقوة المجازر والترحيل القسري بكلمات بن غوريون، والتطهير العرقي بكلمات ايلان بابي المؤرخ الإسرائيلي الفذ والذي أصدر كتابا، عنوانه "التطهير العرقي للشعب الفلسطيني" وأقترح على الجميع قراءته لأنه يكشف عبر الوثائق الإسرائيلية الرسمية حقيقة ما جرى خلال الربيع الأسود لعام 1948.

واكد البرغوثي ان قضيتنا هي قضية مماثلة لما خاضه شعب الجزائر من أجل التحرر من الاستعمار، وما خاضه شعب الهند من أجل الاستقلال، وما خاضه شعب جنوب إفريقيا من أجل التحرر من الفصل العنصري.

ودعا البرغوثي الى وضع القضية الفلسطينية في إطار لا يحتمل المساواة بين الجلاد والضحية، ولا يضلل بالظن أن إدارة الصراع هي مجرد عملية تفاوضية، ولا ينفعل من حجم التشويه فيغرق في ردود أفعال عاطفية مستثارة تحقق هدف الاستفزاز الذي نتعرض له. وإذا كان الإعلام وحده لا يكفي كي نحقق النصر في نضالنا فإننا لن نستطيع أن ننتصر دون أن نكسب عقول وقلوب المجتمع الدولي لصالح قضيتنا العادلة، ولن نستطيع أن نكسب قلوبهم وعقولهم إن لم نقدم خطابا إعلاميا إنسانيا وعصريا متسما بالحداثة، عبر خطاب قادر على استخدام تقنيات ووسائل العصر الحديثة، وقادر على تجنيد، كما يفعل اللوبي الصهيوني، عشرات ألاف المتطوعين عبر أرجاء المعمورة،خطاب يفهم العبارة العميقة لفرجينيا وولف :بأن شيئا لم يحدث ما لم يتم وصفه"

واضاف البرغوثي أنه في عصر الرقميات، يمكن لإعلام موجه أن يجعل أشياء تحدث في عقول الناس دون أن تكون قد حدثت على أرض الواقع، فتصبح مبررا ومستندا لأفعال هائلة، وقضية أسلحة الدمار الشامل في العراق دليل على ذلك.

وقال إن حمل مسؤولية الإعلام أمر خطر وكبير، ولكنه يمثل تحديا رائعا أن استطعنا إدارته لان ادارة الصراع لها علاقة بالقدرة على ادارة الاعلام.

واكد وزير الاعلام الفلسطيني أننا نخاطب العالم لكي نؤثر فيه وليس كي نفرج عن كربنا وضيقنا، وبالتالي فان خطابنا بأسلوبه وأدواته وموضوعيته يجب أن يصمم بحيث يحقق أكبر تأثير ممكن، وإن الإعلام حتى ينتصر ويؤثر، يجب أن يكون إعلاما مكافحا، لا إعلاما مسايرا، مكافحا في ألفاظه، مكافحا في رؤيته، ومكافحا في مضمونه وأهدافه.
 ودعا البرغوثي الى تركيز العمل الاعلامي على فك الحصار فورا وفضح وتعرية ونزع شرعية فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة .

واستعرض وزير الاعلام بعض النماذج في الرواية الفلسطينية التي وقع الجانب الفلسطيني فيها في فخ اسرائيل عبر تصوير اعادة انتشار قوات الاحتلال في قطاع غزة عام 2005 على انها انسحاب .

واضاف البرغوثي ان الجانب الفلسطيني قدم مبادرات عديدة منها مبادرة التهدئة الشاملة والمتبادلة والمتزامنة وتبادل الاسرى وبرنامج حكومة الوحدة الوطنية المرن والمبادرة العربية والتي ليس لاسرائيل أي جواب عليها .

وحول الخطة الامنية الاميركية قال البرغوثي انها محاولة لتشويه صورة الحل وجرنا الى حلول جزئية من اجل التفاوض على الحواجز البالغة 530 حاجزا ثابتا و600 حاجز متنقل مما قد يضطرنا الى التفاوض عدة سنوات لازالة حاجز هنا او هناك مؤكدا اننا لانريد تحسين ظروف سجننا بل الخروج من السجون ولانريد مجرد تحسين الاحتلال والاضطهاد وسياسة الفصل العنصري.