كنت أتابع أخبار ونشاطات الدكتور مصطفى البرغوثي الجماهيرية والإعلامية من خلال وسائل الإعلام المختلفة، لم أتشرف بلقائه شخصياً إلا صدفة في شوارع رام الله التي كانت تمر بالغضب والرفض ضد اجتياحات واقتحامات المدن الفلسطينية ضمن ما سمي بعملية السور الواقي... كنت أرافق التلفزيون الاسترالي – القناة التاسعة ونصور المسيرات والاجتياحات الغاضبة عندما نزل د. مصطفى البرغوثي من سيارة وبرفقته شابان أو ثلاثة وتوجه إلي وهو يسألني:
"أية محطة تلفزيونية انتم؟
أجبت: التلفزيون الاسترالي – القناة التاسعة
فسألني على الفور: لماذا لا تجرون معي مقابلة؟
أجبت بسرعة باللهجة العامية: "غالي والطلب رخيص".
أجرينا مقابلة معه تحدث فيها عن الأوضاع القائمة بصورة واضحة لا لبس فيها.
وبعد الانتهاء من المقابلة والعودة إلى سيارتنا فوجئت بمراسل التلفزيون الاسترالي يعطيني شريط التسجيل –الكاسيت- ويطلب مني أن اكتب اسم مروان البرغوثي باللغة الانجليزية... فقلت له ولن هذا ليس مروان البرغوثي! فقد حسب أن الأمر يتعلق بمروان البرغوثي الذي كان في تلك الفترة يصعب الوصول إليه بسهولة لان النوايا الإسرائيلية بأسره واعتقاله كانت قد بدأت بالظهور بحجة انه القائد الميداني لانتفاضة الأقصى! ولكن المراسل الأجنبي عاد فقال... لا بأس لقد كانت مقابلة مهمة وممتازة.
أوردت هذه الحادثة البسيطة لأدلل من خلالها على طبيعة شخصية د. مصطفى البرغوثي وزير الإعلام الفلسطيني الحالي التي تجيد الحديث عن القضية الفلسطينية بلباقة ونقل الموقف الفلسطيني من خلال استخدام لغة واضحة وتحليل شفاف لما يجري على ارض الواقع! ولكنني للوهلة الأولى لم أتقبل أن يقوم شخص بحجم ووزن مصطفى البرغوثي بعرض نفسه على الصحافة... خاصة بعد أن كنت قد استمعت من الزميل داود كتاب عدم رضائه عن سلوك الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة الذي كان يتعمد حسب كتاب أن يحتك بالصحافيين – وأظن أن ذلك كان في عمان – حتى يقوم الصحفيون بإجراء المقابلات معه...! وأظن أن ذلك كان في أعقاب توقيع اتفاقيات أوسلو إياها – إلا أنني انظر إلى هذه الأمور من زاوية مختلفة... وازعم انه لا ضير للسياسي أو القائد الجماهيري من التقرب من وسائل الإعلام والإعلاميين والصحفيين لإيصال الرسائل التي يعتقد أنها ضرورية كي يعطي الجمهور أو الرأي العام فرصة الاختيار والاستماع إلى وجهات نظر مختلفة!خاصة وانه في حالة د. البرغوثي كان همه الأساس هو الدفاع عن قضايا الشعب الفلسطيني في وجه الحملات الإعلامية المعادية... وقد يقول البعض انه يستفيد من ذلك ويجير هذا الظهور أو النجومية الإعلامية لشخصه الكريم! والسؤال هو... لو حصل ذلك فعلاً فما هو العيب في ذلك؟ فإذا كانت هناك ايجابيات فهناك أيضا مخاطر وأثمان مختلفة يدفعها هذا السياسي او القائد الجماهيري لقاء نضاله بالصوت والقلم والصورة ضد الاحتلال وأركانه.
ومن يراقب د. البرغوثي خلال لقاءاته ومقابلاته على شاشات الفضائيات يلمس مدى دقته في نقل الوقائع دون تهويل او تهويش او تقليل أو تهوين! اكتب هذه الكلمات بحق وزير إعلامنا وهو لا يعرفني وربما لم يعد يذكرني! ولكنني سأذكره ما دام يقوم بواجبه الإعلامي والوطني خير قيام... ولنا في المؤتمر الصحفي الأخير الذي كشف فيه بالصوت والصورة عن ممارسات قوات الاحتلال بحق أبناء شعبنا أقوى دليل.