عملاء يهود في معسكرات الاعتقال النازية/ بقلم: د. محمد نمر عودة

كان عدد السكان اليهود في غيتو ووج سنة 1938 ، (233) اللف نسمة . جمع النازيين (160)الف يهودي يمن ووج وحدها في مساحة لا تزيد عن 4 كم2 في افقر احياء المدينة وتم اسكانهم في غرف تنقصها مقومات الحياة. احيط الغيتو بسور مرتفع تعلوه الاسلاك الشائكة يحرسة الالمان من الابراج.
وفق تصور الالمان كان الغيتو مكان عزل مؤقت عن العالم الخارجي ومعسكر كبير للعمل المجاني الانتاجي حيث تم تشغيل الاطفال دون سن العاشرة.

كما هو الحال في الغيتوهات الاخرى فقد اوجدت السلطات الالمانية المجلس اليهودي المسمى في ووج مجلس الشيوخ وذلك لتنفيذ سياسة الابادة بدقة مع الحفاظ على اشكال الحكم الذاتي اليهودي برئاسة موراخاي رومكوفسكي. وكان عضو في مجلس الكهنة اليهود و رجل اعمال ولد عام 1877 حيث كان هو والمجلس عملاء للاحتلال النازي.

بالاضافة الى اليهود المحليين من ووج احضر الالمان 120 الف يهودي من براغ و فيينا ولوكسمبورغ ويوزنان معظمهم شخصيات بارزة في العلوم والاقتصاد والعلوم والثقافة.
هيمن رومكوفسكي على المجلس وتمتع بصلاحيات واسعة ومطلقة لمصادرة املاك اليهود سواء لاحتياجات الادارة الالمانية او لاحتاجاته الشخصية، وقام لصالح المحتل بتنظيم شبكة واسعة من اجهزة الادارية مثل الصحة و التعليم،بالاظافة الى ذلك انشأ جهاز قمع ضم مختلف اجهزة البوليس بما في جهاز سري لتصفية معارضيه في السجون والمحاكم حيث عمل في هذه الاجهزة اكثر من 11 الف شرطي.

وقد بنى العديد من مؤسسات العمل التي كانت تفي باحتياجات الاحتلال والتي عمل فيها سنة 1942 اكثر من 75 الف فرد.

كانت عمليات الترحيل في غيتو ووج وحتى عام 1944 تتم من خلال الفرز وكان العميلل رومكوفسكي شخصيا يقوم بهذه المهمة وقد رحلت الهيئة التي عينها 10 الاف يهودي الى معسكر خاومنو سنتي 1941/1942 وقال عنهم رومكوفسكي " دمل متقيح بالنسبة للغيتو".

اما الفائض السكاني من المرضى والمسنين غير القادرين على العمل كان يجري فرزهم وترحيلهم الى معسكر خاومنو للابادة.

كان التصور الهتلري ينص على تحويل غيتو ووج اتلى معسكر كبير للعمل بالسخرة تحت اشراف الادارة اليهودية التي تمتعت ببعض الاستقلالية مع التهديد الدائم بالترحيل الى معسكرات الابادة كذلك العزلة التامة عن العالم الخارجي. لقد تمتع اليهود باستقرار وحكم ذاتي تسنى لهم من خلاله تنظيم اعمالهم وملاحقة بعضهم البعض وتصفية انفسهم بانفسهم بدون اي تدخل من المحتل.

ظهرت في صيف 1940 التعددية الحزبية حيث كانت الاحزاب تتصارع بحدة كما قبل الحرب وقد اقتصرت مختلف المقاومة التي انتجها اليهود في غيتو ووج على النشاطات السياسية المعرضة لرومكوفسكي وحاشيته.

وهكذا فان الاحزاب في غيتو ووج سواء اليسارية المنهمكة في النضال ضد رومكوفسكي وادارته بالاضافة الى الصراع الحزبي واليمينية المعنية بالاساس في المساعدات السرية لاعضائها بهدف الحفاظ عليهم لنهاية الحرب، اخذة بعين الاعتبار دولة اليهود المستقلة في فلسطين لم تسع هذه الاحزاب الى تاسيبس حركة مقاومة مباشرة ضد الاحتلال الهتلري.

كان اليسار النقابي هو المنظمة السياسية اليهودية الوحيدة التي طرحت ومارست شعارات مقاومة الهتلرية من خلال تخريب الانتاج المخصص لاحتياجات الجيش الالماني تحت شعار " اعمل ببطئ".

سمى رومكوفسكي مرتكبي هذه الاعمال التخريبية بمثيري الشغب وكان يرحلهم الى معسكرات الموت بعد اعتقالهم من قبل البوليس اليهودي في سجون الغيتو.

نشطت في غيتو ووج وحتى النهاية 3 منظمات يهودية هي البنديون، الصهاينة والموالون للشيوعية. ونتيجة هذه الصراعات الايدولوجية والحزبية المزمنة لم تنجح هذه الاوساط الثلاثة من تنفيذ عملية واحدة سواء ضد ادارة رومكوفسكي او الالمان وحتى شعار اعمل ببطئ لم ينفذ بنفس المستوى.

حاول الناس العاديين والكوادر الاختفاء داخل الغيتو لكن الالمان قاموا باخراجهم بعد تفتيش دقيق ونقل جميع اعضاء واصدقاء وقيادات الاحزاب في خريف سنة 1944 الى اوشفيتس معسكر الابادة الرهيب.

عند تحرير مدينة ووج يتاريخ 16/1/1945 لم يكن هنك على قيد الحياة الا 887 يهوديا فقط حيث تم ابادة البقية في معسكرات الابادة الجماعية وبمساعدة اليهود .

نتيجة لسوء التغذية والامراض الناجمة عنها توفي 43411 يهودي . مع ان رومكوفسكي وحاشيته كانو يملكون الاموال والامكانيات لمن المجاعة.ويقال ان الالمان قاموا بتحويل رومكوفسكي وحاشيته الى معسكرات الابادة في اوشفيتس ايضا حيث لقي حتفه.