مبادرة للخلاص الوطني

رغم ما يمر به شعبنا مِن أزمة داخلية طاحنة، يبقى التناقض الرئيسي مع المحتلين و"الاختلاف داخل الوحدة" هما قاعدة الصيغة الديموقراطية لحل التعارضات الثانوية داخل الصف الوطني الفلسطيني، بينما وحدة الأرض والشعب، في الوطن والشتات ثوابت لا يجوز المساس بها، وتبقى المصلحة العليا للشعب والوطن فوق كل اعتبار، وأية حسابات فئوية ضيقة.
إن حق شعبنا في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، هو خيارالوحيد، الذي من اجل انتزاعه نخوض نضالا تحرريا بوجهين وطني وديمقراطي لا يمكن الفصل بينهما، بما يعني أن ممارسة الإقصاء والتفرد والاستحواذ في الفكر والسياسة والمجتمع هي سياسة مرفوضة لا يمكن القبول بها.
ونظرا الى ان الحسم العسكري الذي لجأت إليه "حماس" في غزة، وما تلاه من تداعيات في الضفة والقطاع، قد نقل الازمة الداخلية الفلسطينية إلى طور نوعي خطير، ووضع المشروع الوطني برمته أمام منعطف شائك وتحديات اضافية كبيرة وتداعيات خطيرة، تنطوي على تكريس الفصل السياسي والمؤسسي بين الضفة وغزة، وتفتح الباب أمام الاستثمار الأمريكي الإسرائيلي تحديدا والتدخلات الخارجية عموماً، ما ينذر باعادة النضال الوطني عقوداً للوراء، ويهدد بتصفية حقوق شعبنا واهدافه وتطلعاته وقضيته الوطنية، واعادتها إلى عهود الوصاية والاحتواء والإلحاق.
      انطلاقا مما تقدم، ورغم ما افرزه حدث غزة فضلا عن تداعياته في الضفة مِن غضب وحسرة وألم ومرارة، وبعد تأكيد رفض خيار الحسم العسكري الذي وقع في غزة، وعدم الاعتراف بنتائجه باعتباره خروجاً على الخيار الديموقراطي؛ ومنعاً لمخاطر تداعياته، وبعيداً عن الحسابات والاجندات الفئوية الضيقة والمصالح الفصائلية والذاتية قصيرة النظر، وتغليبا للغة العقل والمصلحة الوطنية العليا، فإننا نؤكد على أن معالجة الأزمة الداخلية تمثل أولوية قصوى، وأن الخلاص الوطني منها يكون عبر التوافق الوطني كشرط للتوصل إلى حلول وطنية ديموقراطية ناجعة للأزمة التي تهدد المشروع الوطني بالانهيار والقضية الوطنية بالتصفية. والسبيل الوحيد للتوصل إلى التوافق هو الحوار. ولكن، وحتى لا يصبح الحوار هدفا بحد ذاته، أو ساتراً لتكريس الأمر الواقع، وحتى تتوفر له شروط النجاح، فإن المطلوب:
تشكيل مرجعية وطنية موحدة مؤقتة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها المرجعية السياسية العليا للسلطة الوطنية والممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الوطن والشتات، على أن تضم هذه المرجعية كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وتكون اطاراً للحوار الوطني برعاية جامعة الدول العربية، وتضع الآليات العملية لتطبيق بنود اعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، وتنفذ بالتوافق رزمة الخطوات المتكاملة المقترحة التالية:
1: الوقف الفوري لكافة اشكال التعبئة الداخلية والتحريض الاعلامي المتبادل عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بما يوفر المناخات الوطنية الصحية لانجاح الحوار الوطني الشامل.
2: التراجع عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذته "حماس" في غزة، وحل الحكومة القائمة في القطاع وحكومة الطواريء في الضفة، والتراجع عن كافة الاجراءات الادارية والامنية الاحادية والمنفردة التي تم اتخاذها في غزة والضفة.
3: تشكيل حكومة انتقالية متوافق عليها وطنيا على أساس وثيقة الوفاق الوطني، تتولى خلال سقف زمني متفق عليه، اعادة الأمور إلى طبيعتها، واستعادة لحمة المؤسسات الرسمية للسلطة في الضفة والقطاع، وتضع الأسس الكفيلة ببناء نظام قضائي مهني ومستقل وسليم. وتقوم بإصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة بنائها على اسس مهنية، ونزع الصفة الحزبية عنها، واخضاعها لسيادة القانون، وتكون مهمتها خدمة الوطن وحمايته وتوفير الأمن والأمان للمواطن.
  4: تأمين التوافق الوطني على الاحتكام للشعب باعتباره مصدر السلطات، وتوفير الظروف السليمة لأجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة على اساس نظام التمثيل النسبي الكامل باعتبار ذلك يمثل المخرج الديموقراطي من الازمة.
5: المباشرة الفورية لعمل اللجنة العليا التي اقر تشكيلها حوار القاهرة لتقوم بدورها كهيئة للحوار والاشراف على تنفيذ اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على اسس ديموقراطية. وتعجيل البدء باجراء انتخابات حرة للمجلس الوطني الفلسطيني الجديد داخل الوطن وحيثما أمكن في مواقع الشتات، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل.وتفعيل مشاركة فلسطيني الشتات في نضال شعبنا ودعم صموده وحماية المشروع الوطني.
اننا اذ نتقدم بهذه المبادرة للخلاص الوطني ، لنرحب بأن ينضم لها كل من تعز عليه المصلحة الوطنية من قوى وشخصيات وطنية واجتماعية ومؤسسات مدنية ، وان يغنوها بجهدهم وعملهم وارائهم لنقدم لشعبنا تجمعا حيويا موحدا وفاعلا يعبر عن رأي الاغلبية الصامتة في المجتمع الفلسطيني ويضغط ضد الاستقطاب والانقسام ومن اجل الوحدة الوطنية ، والخلاص الوطني .


الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين      المبادرة الوطنية الفلسطينية