الجبهة الشعبية و المبادرة الوطنية تطلقان مبادرة للخلاص الوطني


أطلقت المبادرة الوطنية الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مبادرة مشتركة للخروج من المأزق السياسي الفلسطيني الحالي، بعنوان "مبادرة للخلاص الوطني". ومثل المبادرة الوطنية في الإعلان عن مبادرة الخلاص الوطني كل من النائب د. مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية، ود. علام جرار من اللجنة السياسية للمبادرة الوطنية، فيما مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كل من النائب خالدة جرار عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، والمحامي داوود درعي من قائمة الشهيد أبو علي مصطفى.

وافتتح د. البرغوثي المؤتمر الصحفي قائلاً: "نلاحظ في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي المبادرة الوطنية الفلسطينية، وفي هذه الظروف الحساسة والهامة والدقيقة في حياة شعبنا، الأوضاع الفلسطينية التي يعيشها الشعب الفلسطيني الآن، وهي ظروف خطيرة جداً، وهناك انقسام استفحل ويحمل في طياته مخاطر كبيرة، بل أننا نخشى أن يمتد هذا الانقسام ويتسع ليشمل أيضاً المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي يمثل مصدر التشريع في السلطة الوطنية الفلسطينية، هناك خطر كبير على المستقبل الوطني الفلسطيني جراء هذه الأوضاع، وهناك خطر كبير اليوم على هدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعلى وحدة الشعب ووحدة الشعب ووحدة المصير. هناك مخاطر على مصالح وأمن الشعب الفلسطيني، وهناك خطر حقيقي على الديمقراطية الفلسطينية التي بنيناها جميعاً بجهد ودأب وتعب متواصل على امتداد عشرات السنوات.

وأعرب د. مصطفى البرغوثي عن  الأسف الشديد، لأنه حسب قوله،  وفي هذه الظروف فإننا نرى أن المعظم مشغولين عن النضال الوطني بالخلافات الداخلية، فبالأمس كانت الذكرى الثالثة لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، ضد جدار الفصل عنصري، ولاحظنا كيف كان الاهتمام قليلاً بهذه المسألة الأساسية وهي النضال ضد الجدار وضد التوسع الاستيطاني، وضد أخطر هجمة توسعية استيطانية أصبح واضحاً اليوم أنها تستهدف ضم وتهويد معظم الأراضي المحتلة ومعظم الضفة الغربية.

وأضاف د. البرغوثي "إن الشعب الفلسطيني يتعرض يومياً لاعتداءات همجية إسرائيلية، متواصلة من قبل قوات الاحتلال، وهناك تدهور حاد في معيشة الناس وفي خدماتهم الاجتماعية والصحية والتعليمية، وتراجع ملموس نخشى آثاره في منظومة القيم. كل هذه الأمور تجعلنا نبحث عن طريق للخلاص، لقد ساهمنا في السابق، سواء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو المبادرة الوطنية الفلسطينية، بدور وحدوي فلسطيني، ونحن مصممون على مواصلة هذا الدور، ساهمنا سابقاً في إنجاز وثيقة الوفاق الوطني، وفي تقديمها كإطار وطني جامع لكل قوى الشعب الفلسطيني، وساهمنا في إنشاء وتطوير حكومة الوحدة الوطنية ومحاولة الدفاع عن استمرارها، واليوم فإننا كفلسطينيين نؤمن أنه "ما حك جلدك مثل ظفرك"، ولا حل إن لم يكن هناك حل وجهد فلسطيني.

وأكد د. البرغوثي، نحن لا نقبل ولا نريد أن نكون جزءاً من عملية الانقسام والاستقطاب الجاري، ولم نقبل ولن نقبل استخدام القوة في حل الخلافات السياسية ولا بالتعدي على القانون والديمقراطية والقانون الأساسي الفلسطيني، الشعب الفلسطيني شعب واسع متعدد القوى والقدرات، وهو ليس فقط فتح وحماس، هناك قوى أخرى. نحن كقوى ديمقراطية كالجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية، وبقية القوى الديمقراطية الأخرى، نرى أن الشعب الفلسطيني مكون من عدة اتجاهات سياسية، ويجب أن يكون للشعب الفلسطيني خيار ديمقراطي ووطني آخر، نحن نرى أن هناك أغلبية واسعة فلسطينية، ربما يكون جزء منها كبير صامت، ولكن هذه الأغلبية لا تريد الاستقطاب بل تريد وحدة وخياراً ديمقراطياً، نحن سنقدم اليوم لكم، بعد مشاورات واسعة استمرت فترة من الزمن، ولم نستثني منها أحداً، وحاولنا أن نتواصل مع الجميع، سنقدم لكم اليوم مبادرة مشتركة للخلاص الوطني ، نقدمها بشكل مشترك كمبادرة وطنية وجبهة شعبية، لنعطي أولاً، نموذجاً للعمل الموحد ولإمكانية العمل الموحد، وثانياً لنعطي نموذجاً لعدم الاستقطاب، بل للعمل لمصلحة الجميع، بما فيها القوى التي تدخل الآن في صراع وعراك مع بعضها البعض، ولنقدم نموذجاً للتمسك بالقانون، وبالشرعية الوطنية وبالديمقراطية الفلسطينية، وهذه المبادرة للخلاص الوطني مفتوحة للقوى والشخصيات والمؤسسات المدنية والشعبية، نريد أن نشكل معها ومعاً قوة ضغط ثالثة ضد الاستقطاب ومن أجل الوحدة الوطنية. وإننا إذ ندعو كل من تعز علي المصلحة الوطنية، وندعو الناس إلى الوقوف إلى جانبها.

وصرح د. البرغوثي والنائب خالدة جرار بأن مبادرة الخلاص الوطني ستقدم للرئيس محمود عباس أبو مازن، ولرئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، ولرئيس وزراء حكومة الطوارئ سلام فياض، ولرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المعتقل عزيز الدويك، وللقوى الوطنية والإسلامية كافة، ولجامعة الدول العربية، ولأهلنا في الشتات والمهجر، وكذلك لكل مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني. مضيفاً، "سنعمل كخلية عمل مشتركة، محلياً وعربياً ودولياً، بجهود مشتركة لإنقاذ المستقبل الوطني ولإنقاذ المصلحة الوطنية. أقدم لكم النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني خالدة جرار عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تقرأ نص مبادرة الخلاص الوطني".

من جهتها قرأت النائب في المجلس التشريعي خالدة جرار نص مبادرة الخلاص الوطني: معتبرة أن من شأن مبادرة الخلاص الوطني التأسيس لشراكة سياسية على أسس صحيحة. وقرأت النائب جرار البيان التالي:

مبادرة للخلاص الوطني

      رغم ما يمر به شعبنا مِن أزمة داخلية طاحنة، يبقى التناقض الرئيسي مع المحتلين و"الاختلاف داخل الوحدة" هما قاعدة الصيغة الديموقراطية لحل التعارضات الثانوية داخل الصف الوطني الفلسطيني، بينما وحدة الأرض والشعب، في الوطن والشتات ثوابت لا يجوز المساس بها، وتبقى المصلحة العليا للشعب والوطن فوق كل اعتبار، وأية حسابات فئوية ضيقة.
إن حق شعبنا في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، هو خيارالوحيد، الذي من اجل انتزاعه نخوض نضالا تحرريا بوجهين وطني وديمقراطي لا يمكن الفصل بينهما، بما يعني أن ممارسة الإقصاء والتفرد والاستحواذ في الفكر والسياسة والمجتمع هي سياسة مرفوضة لا يمكن القبول بها.
ونظرا الى ان الحسم العسكري الذي لجأت إليه "حماس" في غزة، وما تلاه من تداعيات في الضفة والقطاع، قد نقل الازمة الداخلية الفلسطينية إلى طور نوعي خطير، ووضع المشروع الوطني برمته أمام منعطف شائك وتحديات اضافية كبيرة وتداعيات خطيرة، تنطوي على تكريس الفصل السياسي والمؤسسي بين الضفة وغزة، وتفتح الباب أمام الاستثمار الأمريكي الإسرائيلي تحديدا والتدخلات الخارجية عموماً، ما ينذر باعادة النضال الوطني عقوداً للوراء، ويهدد بتصفية حقوق شعبنا واهدافه وتطلعاته وقضيته الوطنية، واعادتها إلى عهود الوصاية والاحتواء والإلحاق.
      انطلاقا مما تقدم، ورغم ما افرزه حدث غزة فضلا عن تداعياته في الضفة مِن غضب وحسرة وألم ومرارة، وبعد تأكيد رفض خيار الحسم العسكري الذي وقع في غزة، وعدم الاعتراف بنتائجه باعتباره خروجاً على الخيار الديموقراطي؛ ومنعاً لمخاطر تداعياته، وبعيداً عن الحسابات والاجندات الفئوية الضيقة والمصالح الفصائلية والذاتية قصيرة النظر، وتغليبا للغة العقل والمصلحة الوطنية العليا، فإننا نؤكد على أن معالجة الأزمة الداخلية تمثل أولوية قصوى، وأن الخلاص الوطني منها يكون عبر التوافق الوطني كشرط للتوصل إلى حلول وطنية ديموقراطية ناجعة للأزمة التي تهدد المشروع الوطني بالانهيار والقضية الوطنية بالتصفية. والسبيل الوحيد للتوصل إلى التوافق هو الحوار. ولكن، وحتى لا يصبح الحوار هدفا بحد ذاته، أو ساتراً لتكريس الأمر الواقع، وحتى تتوفر له شروط النجاح، فإن المطلوب:
تشكيل مرجعية وطنية موحدة مؤقتة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها المرجعية السياسية العليا للسلطة الوطنية والممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الوطن والشتات، على أن تضم هذه المرجعية كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وتكون اطاراً للحوار الوطني برعاية جامعة الدول العربية، وتضع الآليات العملية لتطبيق بنود اعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، وتنفذ بالتوافق رزمة الخطوات المتكاملة المقترحة التالية:
1: الوقف الفوري لكافة اشكال التعبئة الداخلية والتحريض الاعلامي المتبادل عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بما يوفر المناخات الوطنية الصحية لانجاح الحوار الوطني الشامل.
2: التراجع عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذته "حماس" في غزة، وحل الحكومة القائمة في القطاع وحكومة الطواريء في الضفة، والتراجع عن كافة الاجراءات الادارية والامنية الاحادية والمنفردة التي تم اتخاذها في غزة والضفة.
3: تشكيل حكومة انتقالية متوافق عليها وطنيا على أساس وثيقة الوفاق الوطني، تتولى خلال سقف زمني متفق عليه، اعادة الأمور إلى طبيعتها، واستعادة لحمة المؤسسات الرسمية للسلطة في الضفة والقطاع، وتضع الأسس الكفيلة ببناء نظام قضائي مهني ومستقل وسليم. وتقوم بإصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة بنائها على اسس مهنية، ونزع الصفة الحزبية عنها، واخضاعها لسيادة القانون، وتكون مهمتها خدمة الوطن وحمايته وتوفير الأمن والأمان للمواطن.
  4: تأمين التوافق الوطني على الاحتكام للشعب باعتباره مصدر السلطات، وتوفير الظروف السليمة لأجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة على اساس نظام التمثيل النسبي الكامل باعتبار ذلك يمثل المخرج الديموقراطي من الازمة.
5: المباشرة الفورية لعمل اللجنة العليا التي اقر تشكيلها حوار القاهرة لتقوم بدورها كهيئة للحوار والاشراف على تنفيذ اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على اسس ديموقراطية. وتعجيل البدء باجراء انتخابات حرة للمجلس الوطني الفلسطيني الجديد داخل الوطن وحيثما أمكن في مواقع الشتات، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل.وتفعيل مشاركة فلسطيني الشتات في نضال شعبنا ودعم صموده وحماية المشروع الوطني.
اننا اذ نتقدم بهذه المبادرة للخلاص الوطني ، لنرحب بأن ينضم لها كل من تعز عليه المصلحة الوطنية من قوى وشخصيات وطنية واجتماعية ومؤسسات مدنية ، وان يغنوها بجهدهم وعملهم وارائهم لنقدم لشعبنا تجمعا حيويا موحدا وفاعلا يعبر عن رأي الاغلبية الصامتة في المجتمع الفلسطيني ويضغط ضد الاستقطاب والانقسام ومن اجل الوحدة الوطنية ، والخلاص الوطني .

وذيل البيان نص "مبادرة الخلاص الوطني" الذي تلته النائب خالدة جرار بتوقيع كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمبادرة الوطنية الفلسطينية.

وفي رد على سؤال إن كان الطرفان يساويان –بين حكومة الطوارئ وحكومة الأمر الواقع في غزة، نفى د. البرغوثي ذلك، وأكد الإلتزام بالقانون الأساسي الذي يعطي الرئيس حق إقالة رئيس الوزراء، وبالتالي إقالة حكومة الوحدة الوطنية، وهذا ما حدث، كما يعطيه حق إعلان حالة الطوارئ، ولكن لمدة ثلاثين يوماً فقط، ولا يمكن تمديدها إلا بقرار من ثلثي المجلس التشريعي، وهذا لن يتوفر. وبالتالي، فإن حكومة الطوارئ ستنتهي مدتها في الرابع عشر من تموز، وسيواجه الفلسطينيون أزمة دستورية حقيقية، ومن هنا كانت الدعوة لإنهاء هذا الوضع، والتوافق على حكومة انتقالية مؤقتة متوافق عليها وطنيا، تحل محل الوضع القائم، وتستعيد لحمة المؤسسات الرسمية ووحدتها في الضفة والقطاع. وعبرت النائب خالدة جرار عن تحفظ الجبهة الشعبية أصلاً عن إعلان حالة الطوارئ، باعتباره لا يشكل حلاً للأزمة.