استهل النائب د. مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، مؤتمره الصحفي بقوله: في إطار التواصل لمتابعة ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أود اليوم التأكيد على ثلاثة نقاط رئيسية، تشكل حالياً خطراً حقيقياً على الوضع الفلسطيني. أولاً: خطورة الإجراءات الإسرائيلية على أرض الواقع. ثانياً: خطورة إعلان إسرائيل قطاع غزة ككيان معاد. ثالثاً: خطورة تأثير ذلك على اجتماع الخريف.
واعتبر البرغوثي أن ما يجري في غاية الخطورة، ففي الوقت الذي يتم الترويج فيه عن اتفاقيات سياسية وانفراج سياسي مقبل، تقوم إسرائيل بفرض نتائج المفاوضات المتوقعة من جانب واحد بفرض الحقائق على الأرض. وأول تلك المظاهر التي تحاول إسرائيل فرضها كأمر واقع، الإجراءات التي اتخذتها قوات الاحتلال لمنع المصلين من الوصول للمسجد الأقصى والقدس للجمعة الثانية على التوالي في شهر رمضان المبارك. في إطار خطة واضحة لعزل القدس تماماً عن محيطها. وذلك يدل على أن إسرائيل تريد تكريس فصل القدس عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك مرتبط بشكل جذري برفض بحث وضع القدس في إطار الحل النهائي.
وأضاف د. البرغوثي، إن تلك الإجراءات الصارمة والتعسفية ليس سببها الأعياد اليهودية كما يدعى، لأن ذلك حدث في الجمعة الماضية كذلك. ونوه البرغوثي إلى أن إسرائيل استخدمت التضليل بقولها أنها ستسمح لكبار السن و النساء من الوصول للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان، واصطدم هؤلاء بتعليمات مجحفة عند وصولهم للحواجز. فبالأمس منع عشرات الآلاف من شتى أنحاء الضفة الغربية من الوصول للمسجد الأقصى المبارك، حيث تكبد هؤلاء عناء السفر منذ ساعات الفجر الأولى من شمال الضفة ووسطها وجنوبها، بالإضافة لتكاليف السفر، لكنهم احتجزوا عند الحواجز.
إسرائيل تريد عزل القدس تماماً عن محيطها العربي
وعلق البرغوثي على حادثة اعتقاله وهو يحاول الوصول للمسجد الأقصى قائلاً، كنا متجهين بالسيارات باتجاه حاجز الضاحية جنوبي القدس، وهناك هاجم جنود الاحتلال السيارات وأنزلونا منها واحتجزوني مع أربعين شخص آخرين لأكثر من ثلاث ساعات دون أي مبرر،وأضاف، لم نكن قد دخلنا مدينة القدس بعد، وإن دل تصرفهم على شيء فهو النية المبيتة لعزل القدس تماماً عن محيطها. وما يدل كذلك على تلك النية ما فعلوه بالناس على حاجز قلنديا، حيث قرر الناس أداء الصلاة على الحاجز، وهناك باغت جنود الاحتلال المصلين بالقنابل الصوتية والغازية والرصاص، ولم يكن هناك أي مبرر لأن الأمور كانت في غاية الهدوء، ومن بين الإصابات، أصيبت جميلة حسن الفيراني 24 عاماً برصاصة قناص في الرأس وهي واقفة مع ابنتها التي لم تتجاوز ثلاث سنوات. وعرض البرغوثي لاحقاً شريطاً مصوراً يظهر إصابة المواطنة القيراني برصاصة في الرأس. وكانت العديد من المؤسسات الدولية نددت بحادثة اعتقال البرغوثي ومرافقيه عند محاولتهم دخولا لقدس متوجهين للمسجد الأقصى المبارك.
قرار اعتبار غزة كيان معادي، تمهيد لاستباحة القطاع
وبخصوص القرار الإسرائيلي اعتبار قطاع غزة منطقة معادية، نبه البرغوثي إلى أن الأجواء الدولية التي أدانت هذا القرار خاصة من قبل روسيا والاتحاد الأوروبي تسمح بأن يكون الموقف الفلسطيني ثابتاً وحاسماً، واقترح البرغوثي على الحكومة ومنظمة التحرير مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يوقف القرار الإسرائيلي أو يلغيه. لأن تنفيذ هذا القرار يعني ستة قضايا خطيرة:
1_ استباحة قطاع غزة وسط التحضيرات الجارية لاجتياحه.
2_ خنق منطقة مصابة أصلاً بكارثة إنسانية واقتصادية.
3_ يمثل القرار عقاباً جماعياً لمليون ونصف مواطن فلسطيني وهو أمر يرفضه القانون الدولي.
4_ يستهدف القرار تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة بشكل نهائي.
5_ إجهاض مؤتمر الحريف القادم قبل انعقاده.
6_ من خلال القرار إسرائيل تقرر مسبقاً منع قيام دولة فلسطينية مستقلة، وتحويل فكرة الدولة لكانتونات معزولة.
ووضح د. مصطفى البرغوثي أن ما تقوم به إسرائيل هو عملياً المزج بين الاحتلال والحرب، ففي نفس الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بشتى مظاهر الاحتلال على قطاع غزة والضفة، فهي ترفض الالتزام بقوانين الأمم المتحدة فيما يخص المناطق الواقعة تحت الاحتلال. وتقوم في الآن ذاته بمعاملة الأراضي الفلسطينية كما أنها حالة حرب حقيقية دون أن تحترم القوانين الدولية المتعلقة بحالة الحروب، وحدث ذلك وتكرر منذ العام 2002 تحديداص في اجتياحها المتكرر للأراضي والمدن والبلدات الفلسطينية وما ترتكبه فيها من فظائع وتدمير. وأكد أن قطاع غزة ما زال تحت الاحتلال، ومحاولة الإدعاء بعكس ذلك ليس إلا أكاذيب محضة، وإلا لماذا تستمر إسرائيل بالسيطرة على المعابر الفلسطينية المؤدية للقطاع.
الانتهاكات تزداد، والترويج لتسهيلات محض ادعاءات زائفة
إسرائيل نفذت 20 اجتياحاً خلال أسبوع واحد
أما بخصوص الاجتياحات المتكررة للأراضي والمدن الفلسطينية، قال د. مصطفى البرغوثي أن ذلك يشير بشكل واضح إلى النوايا الإسرائيلية بعدم التقدم في عملية سلام فعالة وحقيقية. وأشار البرغوثي إلى آخر تلك الاجتياحات وما تعرض له مخيم بيت الماء في نابلس. وعرض البرغوثي جدولاً يتضمن إحصائيات دقيقة عن مجمل الانتهاكات الإسرائيلية خلال الأسبوع السابق، الذي تخلته زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية للمنطقة، حيث نفذت قوات الاحتلال 20 عملية اجتياح، لم يكن فيها أي ضابط لقوات الاحتلال، حيث قتلوا بدم بارد معاقاً على كرسي متحرك في مخيم بيت الماء داخل منزله، وفي منطقة جحر الديك في البريج بغزة سحق جنزير جرافة إسرائيلية طفلاً فلسطينياً. وخلال الفترة من 16 حزيران وحتى 20 الشهر الحالي قتل جنود الاحتلال 121 فلسطينياً، 29 من الضفة و92 من غزة، ومن بينهم 7 أطفال. وبذلك تجاوز عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي قوات الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة الثانية 970 طفلاً، وعدد الجرحى في الفترة ما بين 16 حزيران وحتى 20 من الشهر الحالي وصل 385، 221 منهم من الضفة و146 من غزة من بينهم 59 طفلاً. وخلال الفترة المذكورة قتل جنديان إسرائيليان فقط، أحدهما في قطاع غزة والآخر في الضفة أثناء مشاركتهما في اجتياح مدن فلسطينية.
الحواجز زاد عددها إلى 572 حاجز
وفند د. مصطفى البرغوثي المزاعم التي يتم ترويجها عن وجود تسهيلات للمواطنين الفلسطينيين، وقال، ارتفع عدد الحواجز الثابتة من 543 إلى 572. وفي حين تم إطلاق سراح 255 معتقل، تم اعتقال 420 معتقل فلسطيني جديد. وفي مقارنة بين عدد الحواجز في العام 2005 التي كانت 376 حاجزاً ارتفعت الآن إلى 572 حاجز ثابت أي بزيادة مقدارها 52%. بالإضافة لوجود 610 حاجزاً طياراً.
ووجه د. مصطفى البرغوثي نداءً للشعب الفلسطيني بالتوجه يوم الجمعة القادمة للقدس بالآلاف، باعتبار ذلك ليس فقط واجباً دينياً بل وواجب وطني أيضاً، للإصرار على حق الشعب الفلسطيني في دخول المدينة عاصمة الشعب الفلسطيني، باعتبار أن مصير القدس يتحدد في المواجهة على أرض الواقع وليس في قاعات المفاوضات فقط، ولأن الوصول للقدس هو شكل من أشكال المقاومة السلمية مثل مظاهرات بلعين.
لا بوجد شريك حقيقي للسلام في إسرائيل
3 شروط للمشاركة في اجتماع الخريف
واستغرب د. البرغوثي الترويج بأن هناك انفراجاً قادماً قائلاً: أولمرت نفسه قال قبل وصول رايس حول ما يسمى باجتماع الخريف، بأنه لن يخرج عنه سوى ورقة نوايا. حتى روقة إعلان مبادئ إسرائيل ترفضها. وفي نفس الوقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني قالت بأن الوقت باكر للتوصل لأي اتفاق حول أي موضوع. مع أن ورقة إعلان المبادئ لن تغير أي شيء، فأوسلو نفسه الذي يمثل كتاب مبادئ كامل لم يتم تطبيقه. وأضاف البرغوثي باراك يشن هجوماً منذ شهر فحواه أنه لن يقبل بأي اتفاق مع الفلسطينيين، وباراك لا يريد ذلك لأنه يريد الدفع باتجاه انتخابات مبكرة، وأعلن بأنه يرفض حتى اعتماد حدود عام 67 كأساس للتفاوض. إن كل ذلك يثبت أن إسرائيل لا يوجد فيها شريك حقيقي للسلام. والخطورة تكمن بأن إسرائيل تتعمد تضييع الوقت، واستغلال الانقسام الداخلي لفرض الأمر الواقع وتحويل الضفة لكانتونات، وفرض نظام الأبارتهايد والتمييز العنصري.
وطالب البرغوثي جميع الأطراف الفلسطينية، بالرد على تلك المواقف والتصرفات الإسرائيلية من خلال فضح منهجي للممارسات الإسرائيلية، ومن خلال تصعيد النضال الشعبي السلمي، الذي حقق نجاحات هامة ولو أنها جزئية، كما حدث في بلعين، ونقل نموذج بلعين لبقية الأراضي المهددة بالمصادرة والجدار كما تم تعميم التجربة في أم سلمونة وأرطاس والخليل، وبأن تقوم الحكومة الحالية ومنظمة التحرير الفلسطينية بوضع اشتراطات ثلاث للمشاركة في اجتماع الخريف، متمثلة في وقف بناء جدار الفصل العنصري، التراجع عن إعلان غزة منطقة معادية، إعلان صريح مع ضمانات دولية لوقف الاستيطان.
استراتيجية من أربعة عناصر
وأنهى البرغوثي مؤتمره الصحفي بتحذير صريح، بأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تزداد سوءاً عما كانت عليه عشية انتفاضة العام 1987، وذلك ناتج عن الغلاء المعيشي الفاحش، والبطالة المستشرية، وانعدام الأفق السياسي. وبأن استمرار هذه الأوضاع ينذر بانفجار واسع وقد يؤدي إلىىانتفاضة شعبية شاملة. وأعاد البرغوثي التأكيد على استراتيجية وطنية مكونة من أربعة نقاط:
1_ الاستمرار بالمقاومة السلمية الشعبية.
2_ تعزيز الصمود الفلسطيني.
3_ استنهاض حركة تضامن دولية واسعة.
4_ إعادة صياغة وتميتين الوحدة الوطنية الفلسطينية.