الدكتور حيدر عبد الشافي رحمه الله قد رحل
رحل كما يليق به أن يرحل .... رحل من على فراشه
كما رحل الكثيرون من العظماء من قبله ..... رحل أبو خالد كما رحل من قبله رجال مثل خالد بن الوليد. لقد رحل بعد أن عاش حياة مفعمة بالتاريخ ومثخنه كفلسطين بذكريات وأمجاد ونجاحات واخفاقات متواتره وكأنها أمواج البحر... هائجاً... أو هادئاً ... لاتتوقف!
رحل الدكتور حيدر بعد تسعة عقود من الصمود والإباء والشمم ... والكفاح المتواصل بعزيمة صلبه وعقل مستنير ... ولسان نظيف ... ويدٍ لم تمتد أبداً إلى أحد بسوء ... ولا تورطت في فساد ، ولم تكن أبدا دُنيا بل دائما ... وحتى توفاه الله ... كانت هي العليا!
مات وعنقه ورأسه مرفوعة ومبادئه مشرعة ثابتة على العدل والحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية... والصمود في وجه كل تيارات الداخل والخارج .
أبا خالد كان مناضلاً فذاً يجيد الكر والفر كما قال امرؤ القيس في حصانه
مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ معاً
كجلمود صخرٍ حطه السيل من علٍ
لقد عرفت الدكتور حيدر محي الدين عبدالشافي منذ أكثر من خمسين عاما... وكان دائما وطني بامتياز ... صديق بامتياز ... جلود على المكاره... شيمته الصبر والإباء ... وكلمته دائما داعية للوحدة الوطنيه على أسس النضال الحق والعداله والنهضوية والديمقراطية، وناضل في كل الظروف لكي تتحقق الجبهة الوطنية الواحدة.
لقد مر عنه الاستعمار الانجليزي والحكم العسكري العربي بكل مراحله ... والاحتلال الصهيوني بكل جبروته وعنجهيته وحكم السلطة الفلسطينه بكل مراحلها الحسنه والسيئة، وبكل إخفاقاتها ومساوئها وفسادها وانقساماتها فلم تلن قناته ولا أيأسته أو بهرته أي من هذه الظروف المتلاحقه فسجل له التاريخ أنه هو صاحب الرأي الحصيف والضمير النقي واليد الممتده بالخير والنصيحة للجميع.
رحيل الدكتور حيدر يثير الكثير من الشجون فلكأنه يمثل برحيله النبع الصافي الذي جففته الأيام !! والنهر المعطاء الذي غوَّرته الأمواج المالحة.
وطننا يعيش مرحلة الأسباخ الغضة التي تبرز من حولها أسراب الضفاضع اللزجة تملأ بنقيقها ظلام الليل الدامس والذي يزداد سواداً بغياب النجوم من سماء فلسطين !!
رحل حيدر ... رحل أبو خالد ليسكن صفحات المجد والنقاء التاريخي وبقي الكثيرون في غيِّهم يعمهون؟!
وطننا يتأوه ويتشوَّه ... وشعبنا يرزح تحت الأقدام الصغيره والأصوات النشاز التي ضيعت كل أصوات الحكمة... وعقول الرجال الرجال.
ففي ذمة الله يا أبا خالد ويا فلسطين لك خالص العزاء