المعبر مغلق عشية افتتاح انابوليس!
محمد شاكر عبد الله


المعبر مغلق عشية افتتاح انابوليس!
محمد شاكر عبد الله

يوم الأحد الماضي، اليوم نفسه الذي توجه فيه ابو مازن وايهود اولمرت الى الولايات المتحدة، لحضور مؤتمر انابوليس، ذهبت الى الرام لقضاء بعض الحوائج ثم بدأت رحلة العودة الى بيت حنينا عن طريق معبر قلنديا. فوجئنا بأن عدد السيارات التي امامنا لا يتجاوز الاربع لكن استغربنا لأن هذه السيارات ثابتة في مكانها ولم تتحرك على الرغم من مرور نصف ساعة.
بعد قليل بدأت بعض السيارات تستدير لترجع من حيث اتت ولم تبق امام سيارتنا سوى سيارة واحدة وماهي الا دقائق حتى سمعنا الجندي الاسرائيلي يردد عن لاقط الصوت بالعبرية »معبار ساجور« - المعبر مغلق وكانت البوابة المعدنية مغلقة.
مر الوقت بطيئا وثقيلا. وجاءت امرأة اجنبية واحاط بها الناس قالوا لها هل ترين هذه المعاناة. اتصلي بمنظمتك واخبريهم قد يستطيعون مساعدتنا.
المرأة اتصلت مرة ومرة. قالوا لها هناك اغلاق لكافة المعابر ونقاط التفتيش المحيطة بالقدس. وفي القدس نفسها حواجز عديدة والاسباب امنية.
السلطات الاسرائيلية تدعي ان هناك مفجرا انتحاريا قدم من نابلس وتريد القبض عليه قبل ان ينفذ عملية في القدس. ولكن لماذا تغلق المعابر ويتكدس المواطنون والسيارات وفيهم المريض والمسن والاطفال والنساء. هل هؤلاء ايضا يعتبرون انتحاريين؟
المرأة الاجنبية قالت: لماذا يذهبون الى انابوليس اليس من الأفضل ان يأتوا الى هنا ليشاهدوا معاناة شعبهم؟
صب الناس غضبهم على انابوليس وتساءلوا ما الذي ستجلبه انابوليس لهم هل ستكون افضل من اوسلو وكامب ديفيد وطابا وواي ريفر وغيرها وها هم يعانون من اغلاق مدينتهم القدس في وجوههم عشية افتتاح المؤتمر.
قال البعض ان المسألة لا تتعلق بمفجرين انتحاريين وانما بتدريب روتيني على اغلاق القدس عندما تقتضي الضرورة ويحين الوقت.
الأجنبية استفاضت في الحديث عن مهمتها في قرية يانون المحاطة بالمستوطنات من كل جانب. قرية محاصرة وتلتف حولها مستوطنة ايتمار كأفعى الكوبرا، كل يوم يأتي المستوطنون ليضايقوا سكان القرية وينغصوا عليهم حياتهم.
اضافت: هناك مزارع لديه اغنام يرعاها في ارضه وقد ابلغوه بأمر من الحاكم العسكري بمصادرة ارضه وان الأمر سينفذ خلال يومين. فما الذي سيفعله المزارع المسكين؟ وهل سيستطيع مؤتمر انابوليس انقاذه؟
المرأة من اسكوتلاندا ولم تكن متفائلة على الاطلاق بأن تسفر مفاوضات السلام عن نتائج ايجابية. اذا حصل اتفاق فلن تعطي اسرائيل الفلسطينيين سوى القليل. وباعدت بين ابهامها وسبابتها لتوضح بالاشارة هذا القليل.
ثلاث ساعات واكثر بين الأمل واليأس. يأتي الجنود نحو البوابة الحديدية فيتوقع الآلاف من الناس العالقين ان يفتح الجنود البوابة لكنهم يرجعون قبل ان يصلوها بأمتار. والاحباط يدفع بعض السائقين للضغط على زمامير سياراتهم ولكن دون طائل.
»المعبر مغلق« - يرتفع صوت الجندي هادئا وساديا. شاب يبدو انه بغير عقله يمازح الجنود قائلا: فرجيني ويصرخ غاضبا عندما يقول عنه شاب آخر انت جاسوس! لماذا تكلم الجنود؟
الصبر! وماذا يملك الناس في مثل هذا الموقف سوى الصبر. الاجنبية قا لت: ماذا لو سرنا جميعا نحو البوابة وحاولنا فتحها؟ اقصد النساء والمسنين!
اجابوها: قد يستخدمون قنابل الغاز وربما الرصاص المطاطي؟
اقتربت رغم ذلك ومعها عدد من النساء من البوابة.
مر الوقت ثقيلا وبعد العذاب الطويل لآلاف من الناس اخيرا فتحت البوابة وسمح للحافلات اولا فقط باجتيازها.
وحين جاء الدور على السيارات كانت سيارتان قد التفتا على الدور على نمط الفوضى الفلسطينية المعتادة حيث الأناني والفوضوي يقول: انا اولا وبعدي الطوفان!
اجتزنا البوابة وسرنا نحو بيت حنينا وفي النفس تساؤل عن جدوى انابوليس وتأثيرها على قوم يمكن ان يغلقوا مدينة او عدة مدن امام الآلاف من سكانها لمجرد مناورة او انذار كاذب او دون اي سبب على الاطلاق.
انابوليس مفتوحة.. ومعبر قلنديا مغلق والناس كانوا ينتظرون.
فيا للمفارقات!