معادلة هل يعيد مؤتمر المستثمرين شوال الطحين الثاني - حمدي فراج

أربعة شهداء بوجوه آبائهم جاءوا يتذمرون من الشؤون الاجتماعية، ولا داعي لذكرهم ، لكن فحوى تذمرهم تتلخص في أنه تقرر تقليص المعونة العينية التي يتلقونها من شوالين طحين في الشهر، الى شوال واحد ، ونظن ان الاجراء لا يقتصر على أربعتهم، ولا عليهم في بيت لحم من دون باقي محافظات الوطن العزيز، لكن نبرة أصواتهم حملت الكثير مما يقال ومما لا يمكن ان يقال .

المسألة لا تقتصر على شوال الطحين، ولا على لون البطاقة التي يتعين إحضارها من قبل ولي أمر الشهيد ، بل على مخصصات مالية متواضعة ظلت تتواضع الى ان وصلت تسعة واربعين دولارا يتم قبضها من بنكين في كل مرة، ويتساءلون: لماذا لا يتم اعتماد أبناءهم، أبناء الشعب والقضية، كما بقية الموظفين العسكريين او المدنيين؟ ولماذا يتوجب على المخول ان يذهب الى بنكين في آخر كل شهر .

أحدهم قال لقد اصبحنا مثل الكرام على موائد اللئام ، لقد قبلنا بمعونة الطحين بما تحمل لنا معها من معاني ليست نبيلة على الاطلاق ، بل تعيد الى أذهاننا الوقوف في الطوابير امام مقرات وكالةالغوث الدولية، مع أننا لسنا على ملاك اللاجئين، ومع أننا قبلنا بذلك، الا أن الوزارة الكريمة إستكثرت علينا هذه الكمية من الطحين، فذهبت الى تقليصها، ولو أننا لسنا في حاجتها، لما جئنا نطرق ما تبقى أمامنا من أبواب .

هل كثير علينا ان تصلنا هذه المساعدة الى بيوتنا، فيعفينا الكرام والمسؤولون عن الوزارة والقضية والنضال من المثول والاصطفاف في الطوابير وما يرافقة من مشاعر إذلال خفية تتسربل على جنباتنا ووجناتنا؟ وهل حقا يليق بالشهداء ان يصطف ذووهم، آباؤهم، أمهاتهم زوجاتهم وأطفالهم في الطوابير للحصول على شوال الطحين وثلاثة كيلوغرامات من الحمص ومثلها من الملح؟ ونحن نعرف ان أصغر مسؤول لديه سيارة توصله الى بيته ومعه سائق وربما مرافق أو حارس .

أحد الآباء أجرى حسبة مالية ، قال يكلفني إحضار شوال الطحين خمس وعشرين شيكل، ولدينا في بيت لحم حوالي ثلاثمائة وخمسون شهيدا، الأمر الذي يعني ان تكلفة التوصيل تصل الى حوالي ثمانية الاف شيكلا نهدرها في كل شهر .

إنهم في الوقت الذي يريدون فيه عكس صورة أبنائهم البهية شهداء عند ربهم يرزقون، يحتاجون الى هذه المساعدة، لكن ليس بأي ثمن، ولهذا قرروا رفض استلام الطحين، بل تسلمه وعسفه في الشارع .

قلت لهم أن يأجلوا خطوتهم بعض الوقت ريثما ينفض مؤتمر الاستثمار ، خوفا من أن تفسّر انها ضده ، بل لربما ينجح هذا المؤتمر في حشد هذا الكم الهائل من المشاريع الاستثمارية والتي تحدث عنها القيمون بأنها ستزيد عن ثلاثة مليارات دولار، وقد يغنيهم هذا عن شوال الطحين، أو على الأقل يعيد لهم الشوال الثاني واصلا الى البيت .

بقلم : حمدي فراج