ليست المرة الأولى التي يتقابل فيها الوفود الفلسطينية و الإسرائيلية للتفاوض حول قضايا هامة بين الطرفين وليست المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل وضع العقبات الكبيرة في طريق التوصل إلى سلام حقيقي بين الطرفين إنها جولة المفاوضات الثانية على طريق الحل النهائي . إسرائيل كعادتها تريد إبقاء مفتاح تقدم المفاوضات بيدها , متى أرادت دفعت بالمفاوضات قدما و الغالب في سلوكها التفاوضي سياسة العودة إلى الخلف وليس التقدم بايجابية نحو التأسيس لوضع حلول نهائية للقضايا الأساسية. إن ما تؤسس له إسرائيل في الوقت الحاضر بعد انطلاق المفاوضات في أنابوليس ألا وهو عدم إحراز أي تقدم ,هادفة بذلك إلى إطالة عمر مسيرة الحل النهائي و ممارسة سياسة الأمر الواقع وهذا يتبين من خلال إطلاق وزارة الاستيطان الإسرائيلية مرحلة جديدة من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية و التي ستكون مستقبلا ضمن أراضى الدولة الفلسطينية . إن أراضى جبل أبو غنيم و أراضي قلنديا الفلسطينية هي أراضي لا يجوز إحداث فيها أي تغير حسب القوانين الدولية , إلا أن إسرائيل تعي الأهمية الجيولوجية و الإستراتيجية لهذه الأراضي و خاصة عند وقوعها ضمن حدود الدولة الفلسطينية بالإضافة لكافة الأراضي الفارغة حول القدس الشرقية فقد أوعز ببناء 750 وحدة سكنية خلال العام 2008 وحوالي 1000 وحدة سكنية حول القدس وهذا ما تكشف حتى الآن و رصدت ملاين الدولارات لانجاز هذه المهمة في حدود ذلك التاريخ. إن الاستيطان الصهيوني واحدة من الاستراتيجيات الخطرة التي تتبعها إسرائيل إضافة إلى الإبقاء على عشرات الآلاف من المعتقلين و الأسرى الفلسطينيين بالمعتقلات ,إنها دولة القتل و الاستيطان و انتهاك حقوق الإنسان و كيان المعتقلات وهذا بهدف إفشال أي اتفاقات مع الفلسطينيين لان هذا هو الواقع الطبيعي لدولة تمارس الاحتلال و تقام على أراضي الغير بالقوة المسلحة و التزييف التاريخي و الجيولوجي و الديموغرافي و الاستراتيجيات الأخرى هي إبقاء الواقع المأساوي للشعوب المحتلة كما هي بل زيادة درجة الممارسات الاحتلالية مثل الحصار و القتل اليومي و تجريف الأراضي و استفزاز المجتمع المدني الفلسطيني و تدمير البني التحتية و العمل على تلويث ما سيقع تحت سيطرة الفلسطينيين من موارد و أراضي طبيعية. نحن ندرك أن إسرائيل لا ترغب بصنع سلام حقيقي مع الفلسطينيين ولا حتى رغبتها في أن يعيش الفلسطينيين دورة الحياة الطبيعية في كيان و كشعب له حقوقه الإنسانية و إننا ندرك أن إسرائيل ذهبت مجبرة إلى أنابوليس , لهذا صنعت لنفسها مخارج عديدة من ورطه صنع السلام أولها الاستيطان . حقيقة الأمر إن إسرائيل تتعامل بحدين من السياسة و هي سياسة المفاوض وسياسة المحتل ولو إنهما وجهاً واحد لحالة إسرائيل العنصرية لأنها تتفاوض ليس لاعتبار إنها دولة مارقة اغتصبت حقوق الآخرين وترغب الآن في إعادة الحقوق لأصحابها و القبول بمبدأ أن فلسطين ارض لدولتين و هو المبدأ الذي فرضه الاستعمار و القوى الدولية على الأمة العربية وللأسف تم قبوله واقعا لا تغير فيه مهما استحدثت تغيرات بالموقف العربي وإنما لاعتقاد خرافي بأنها ستأخذ من الفلسطينيين وطن و برضي الفلسطينيين أنفسهم.
والأمر المطلوب الآن أن يتعامل الفلسطينيون بنفس الأسلوب الذي تتعامل به إسرائيل وهو التفاوض و المقاومة في وقت واحد,هناك من يفاوض و هناك من يقاوم ولا تعارض في وجهة نظري بين الأسلوبين و الأسلوب الأول أن استمر يجب أن يستمر وفقا لشروط معقولة و مقبولة منها وقف الاستيطان وإطلاق سراح المعتقلين و الأسري الفلسطينيين أما الأسلوب الثاني يحتاج إلى تطوير حتى يجبر الإسرائيليين أنفسهم التراجع عن ما يخططوا له , فإسرائيل تهدف إلى إقامة مساكن للمستوطنين في أبو غنيم و قلنديا وباقي الأراضي حول القدس وليكن إذن هدف المقاومة الفلسطينية هذه الأراضي وعدم تركها لتتمكن دولة الاحتلال من ترسيم حدود رغم انف الفلسطينيين و زرعها بالمدنين الإسرائيليين فإذا ضربت هذه التجمعات بالمهد ستبقى خالية للأبد حتى وان اكتمل البناء فيها و أصبحت جاهزة للسكن. أما إعلاميا فالقصور حال العرب كما هم لأنهم يتناولوا الموضوع فقط بالبيانات ليعرضوا عدد الوحدات السكنية التي ستقام وأي أراضي ستستغل لذلك دون التعرض لخطورة هذا الإجراء على الصعيد السياسي و الجيولوجي وأصبح التركيز على دور المفاوض الفلسطيني أبان هذه الحالة و المطلوب حقيقة هو دعم المفاوض الفلسطيني أولا و المقاومة الفلسطينية ثانيا وبث البرامج وإنتاجها لتؤثر على الجمهور الإسرائيلي الذي يستخدم كأداة في أيدي الساسة الإسرائيليين ليصبح الساسة الإسرائيليين أداة بأيدي الجمهور الإسرائيلي. لقد أصبح الدور العربي الآن مطلوبا للضغط على الإدارة الأمريكية وهى الطرف الوحيد القادر على الضغط على إسرائيل و استخدام صلاحياتها الدولية وكراعية لعملية السلام لتحجيم إسرائيل و إجبارها على وقف استراتيجياتها الهادفة إلى إجهاض العملية السلمية و تدميرها في مهدها و الدفع باتجاه مفاوضات جادة وحقيقية مع وقف كامل لكافة أنواع الممارسات الاحتلالية بما فيها الاستيطان وحتى لا تكون المفاوضات في النهاية لزوم التغيرات الدولية .