(المضمون: اجل لقد كان كارتر محقاً فهناك سياسة تفرقة عنصرية في اسرائيل رغم خوف الإسرائيليين من الاعتراف بذلك ولكن المشكلة ان الفلسطينيين لم يلدوا نلسون مانديلا والاسرائيليون لم يلدوا دي كلارك حتى الان – المصدر).
لقد لوحظ ان مذيعة الاخبار مصابة بالذهول: ليس لدي وقت الان للرد على ما تقوله، قالت للرئيس السابق بفصاحتها ولكن جيمي كارتر فر من بين اسنانها بالكاد وباعجوبه.بعد ذلك اضافت انها لا تريد ان تتخيل لنفسها ما كان ليحدث لو صودفت بزميلها من قسم الامن في زقاق مظلم في القناة الثانية؛ فهذا المحلل كعادته حرك رأسه الثقل مؤكداً على ذلك: من حظ هذا الخسيس اننا لم نتحد معاً بتحويله الى كتلة من العظام.
هكذا هو الحال بيننا:الحكم هو الذي يحدد النغمة السائدة ووسائل تبدأ في ترديد اللحن: ليس فقط ان كارتر لم يكن نافعاً في مهمته بل انه تسبب بالضرر هذا ما يقولونه. بسببه فقط لم يتم تخليص جلعاد شاليت من اسره خلال العيد هذا ما يحدث عندما يتدخل عدو الجنس البشري توأم بن لادن صاحب ابراج التوأم في شؤون لا تخصه.
لنفترض ان كارتر كهل خرف لا يقلق المقاتلين في راحتهم: هو لن يعود. ولكن ليس من الممكن ان نتخلى عن مضمون كلماته واقواله: "الابارتهايد" قال كارتر، "الابارتهايد"؛ وهذه كلمة مخيفة وظلامية كان الافارقة في جنوب افريقيا قد طبعوها في اذهان العالم ومغزاها – الفصل العنصري.
ما الذي يريده منا هذا الشخص السيء في الواقع:ما علاقتنا في الابارتهايد؟ هل جدار الفصل هو جدار الفصل؟ وهل الشوارع المنفصلة للفلسطينيين والمستوطنيين فاصلة حقا؟ وهل الجيوب الفلسطنية بين المستوطنات هي بانتوستانات؟
ليست هناك اي ذرة من التشابة بين جنوب افريقيا واسرائيل والعقل المريض فقط هو الذي يربط بين العقلين الحواجز والتفتيشات والتصاريح لكل امر وكل شيء والسيطرة الفوقية سيطرة السادة على الارض والحقوق والامتيازات المفرطة في المياه والعمل الرخيص والبخس واقامة العائلات وجمع شملها وفقاً لاستبداد البيروقراطي كل هذه ليست بعد ابارتهايد لا بأي شكل من الاشكال؟ كل هذه الامور هي ضرورة امنية لا مفر منها، نقطة ونقطة.
ايضا الافريقيون البيض في جنوب افريقيا ساقوا ذراع لسياسة الفصل التي فرضوها؛ هم ايضا شعروا بالتهديد – الشرور وصلت اليهم ولذلك شعروا بالخوف وطلبوا الحماية. ولكن مهما كانت الاسباب جيدة التي تساق للابارتهايد فهي تبقى دائما اسباب سيئة؛ للابارتهايد دائماً سببه ولكنه ليس دائما مبرراً. ومن يتصرف وكأنه في ابارتهايد ويسير على منواله وينكل في الناس مثله – ليس بطة وانما صاحب ابارتهايد وتفرقة عنصرية. ولكن هذا الابارتهايد لا يحل حتى مشكلة الخوف التي جاء من اجلها: اليوم يعرف الجميع ان نهاية الابارتهايد الى زوال.
ما زال هناك فرق جوهري واحد بين جنوب افريقيا واسرائيل:هناك سيطرة اقلية صغيرة على اغلبية كبيرة اما هنا –فلدينا مساواة تقريبا؛ ولكن انكسار المساواة يظهر في الافق. عندئذ ستحل نهاية المشروع الصهيوني ان لم نسارع الى الخروج من بيت العبودية وسنتعرض الى ضربة ديمغرافية قاضية.
من الواضح تماماً سبب شعورنا بالصدمة والخوف من كلمة "ابارتهايد" ولكن ليس علينا ان نخاف من تعريف الواقع بل من الواقع نفسه.حتى ايهود اولمرت ادرك اخيراً ان استمرار الوضع القائم هو نهاية محتومة للدولة اليهودية والديمقراطية كما قال مؤخرا.
مساكين الفلسطينيون لانهم لم يبرزوا من بين صفوفهم نلسون مانديلا؛ والاسرائيليون مساكين لانهم لم يلدوا فريدريك وليم دي كلارك.