حاوره: منتصر حمدان-
حذر امين المبادرة الوطنية الفلسطينية، النائب د.مصطفى البرغوثي، من وجود خطر كبير يتهدد منظمة التحرير الفلسطينية حيث تتآكل قدرتها التمثيلية للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، متهما بعض مراكز القوى في عرقلة أي مساع جادة لتطوير واقع المنظمة والسعي الى تقليص دورها وتحويلها إلى مجرد بند هامشي على موازنة السلطة الفلسطينية.
وقال البرغوثي في حوار مع “الخليج”، ان من يعارض اعادة بناء المنظمة وهيكلتها هم أعداء للمنظمة، وهم المسؤولون عن تقليص دور المنظمة وتحويلها إلى بند هامشي على موازنة السلطة، في الوقت الذي يجب ان تكون الإطار الجامع والمرجع للشعب وسلطته”.
وحدد البرغوثي مجموعة نقاط رئيسية لانهاء الانقسام الداخلي، تبدأ بوقف الحملات الاعلامية المتبادلة واطلاق سراح المعتقلين السياسيين واعادة فتح المؤسسات المغلقة، وتنتهي بتشكيل حكومة توافق وطني تتولى معالجة الاشكاليات التفصيلية.
ومن جانب آخر حذر البرغوثي من مخاطر تحويل الاجهزة الأمنية الفلسطينية الى مجرد وكيل لحفظ امن الاحتلال، مطالبا الاجهزة الأمنية بأن تضع على رأس اولوياتها حماية امن المواطنين على الصعيد الداخلي وتنظيم حياتهم، واغلاق الباب بشكل محكم امام كل محاولات الضغط “الإسرائيلية” لتحويلها الى وكيل امني لحماية أمن الاحتلال لان ذلك الدور يحمل في طياته مخاطر كبيرة على حد قوله وتالياً نص الحوار:
لقد شاركتم في لقاءات وجلسات الحوار في القاهرة ما هي انطباعاتك عما دار في هذه الجلسات وهل يمكن ان يجري فرض انهاء الانقسام على الاطراف الفلسطينية؟
لا يمكن ان يتم التوصل الى حل من دون ان يقرر الفلسطينيون ان يخرجوا من هذه الأزمة، وفي نهاية المطاف فان الامر يعتمد بالاساس على الارادة والنية الفلسطينية، ولا توجد قوة خارجية مهما بلغت قوتها تستطيع ان تحل محل القرار الفلسطيني، وهذا من دون التقليل من الدور المهم والكبير والجهود التي بذلتها الشقيقة مصر من اجل انهاء الأزمة الداخلية من خلال محاولة التوصل الى فهم متكامل للصورة قبل تقديم اية مقترحات لانهاء الأزمة، وبعكس ما كان يشاع فإنني لم ار ان الجانب المصري منحاز لطرف على حساب طرف آخر، وأنا رأيت ان الموقف المصري متوازن ويسعى للتعاون والتعامل مع كل الاطراف بشكل متزن، ونحن التقينا مع الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي سوف يقوم بتسلم نتائج الجهد المصري ليعرضها على مؤتمر وزراء الخارجية العرب وبالتالي اللقاء بيننا كان مهم ومؤثر وفعال واعتقد اننا توافقنا على الكثير من القضايا، كما التقينا مع عدد من المسؤولين المصريين كما التقينا مع وفد حركة حماس، كما تحدثت مع د.نبيل شعث، ونتواصل مع الاطراف جميعها.
وبكل تأكيد ان الايام الاخيرة من جلسات الحوار كانت حاسمة، بمعنى ان خلاصة كل ما جرى كان يتحدد في الايام الاخيرة وحاولنا جهدنا بان تكون الامور ايجابية وفعلا هذا ما حدث وجاءت النتائج على عكس ما كان يتوقعه البعض برفض حماس التي بادرت الى اعطاء مواقف ايجابية، وحسب ما فهمته من الاشقاء المصريين، فقد أعربوا عن ارتياحهم من موقف حماس والتجاوب مع الخطة المصرية، لكن المهم هو الخطوة القادمة.
الحملات الإعلامية
ما المطلوب في الخطوة القادمة؟
نحن طرحنا تصوراً يتمثل في سبع نقاط رئيسية وجوهرية، بعضها فورية ومتوسطة وبعيدة المدى، وهذه النقاط السبع متماسكة ومترابطة مع بعضها البعض، ونرى اهمية وقف الحملات الاعلامية المتبادلة فوراً كنقطة اولى، ويجب ان يتبع ذلك الامتناع عن مناقشة قضايا الخلاف في وسائل الاعلام ما دام هناك حوار يجري على الطاولة، ولا يجب نقل حدة الخلاف الى الاعلام مع الاحترام الكامل لدور الاعلام في البحث عن المعلومات ونشرها، فإذا كانت المفاوضات الفلسطينية “الاسرائيلية” لا نعرف عنها شيئا فلماذا كل مسؤول يتحدث في موقف يبادر للخروج الى وسائل الاعلام، ارى ان هذا الامر يجب وقفه فورا.
النقطة الثانية يجب العمل من أجل اغلاق ملف الاعتقال السياسي والافراج عن كل المعتقلين، والامتناع عن ممارسة اية اعتقالات سياسية، والنقطة الثالثة ضرورة السماح للجمعيات التي اغلقت بالعمل واعادة فتحها، واهمية ان يقدم الطرفان على اتخاذ موقف واضح بالاستعداد للتراجع عن الخطوات الانفرادية، وهذه النقطة كانت عنصراً اساسياً في نشوء اجواء ايجابية مؤخراً بعد اعلان حماس عن استعدادها للتراجع عن اية خطوات فردية تدعي أو تقول انها اضطرت لاتخاذها، ما يعني ان مبدأ العودة عن أي خروقات للقانون اصبح اساسيا سواء في الضفة او قطاع غزة، وأرى أن هذه القضايا تقع ضمن الخطوات الفورية التي يجب على كافة الاطراف الالتزام بها وتنفيذها. أما بخصوص النقاط متوسطة وبعيدة المدى، فأرى وجوب تشكيل حكومة وفاق وطني، باعتبارها صيغة وسطية بين حكومة وحدة وطنية وحكومة مستقلين أو تكنوقراط، وهي مزيج ويتم تشكيلها بالوفاق والاتفاق بين كل الاطراف المشاركة في الحوار الوطني.
والنقطة الخامسة يتوجب على هذه الحكومة ان تعلن عن موعد اجراء الانتخابات وتعد لها بما في ذلك تشكيل لجنة الانتخابات المركزية وضمان اجراء انتخابات نزيهة.
هل أفهم من حديثك مطالبة بحل لجنة الانتخابات المركزية الحالية واعادة تشكيلها من جديد؟
لا بأس من بحث هذا الموضوع، وتحديد ما هي الضمانات لكي تكون الانتخابات نزيهة وبما ان لجنة الانتخابات بحاجة لاعادة تشكيل، وانا اعتقد فعلا انها بحاجة لاعادة تشكيل من جديد، اضافة الى انه لابد من ضمان وجود رقابة دولية وعربية قوية حتى نضمن اجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية وكاملة.
النقطة الأخرى، تتمثل في ضرورة ان تتولى الحكومة الجديدة مسؤولية اصلاح الاجهزة الأمنية وابعادها عن العمل السياسي، ونزع الصفة الحزبية والفصائلية عنها، وان يتم بناء هذه الاجهزة على اسس وطنية سواء في الضفة او القطاع.
الأجهزة الأمنية
اسمح لي، كيف بالامكان اعادة بناء هذه الاجهزة وماذا سيكون مصير آلاف المسلحين الذين دخلوا الى هذه الأجهزة الأمنية؟
الآن أتحدث بصراحة، فالأجهزة الأمنية في الضفة هي تحت سيطرة فتح، والأجهزة الأمنية في غزة تحت سيطرة حماس وهذه النقطة لا يوجد خلاف حولها، وهذا الأمر مرفوض لأن الأجهزة الأمنية يجب ان تكون مهنية وغير تابعة لطرف سياسي تعمل حسب القانون.
لكن هناك اشكالية قائمة في هذا الطرح، حيث أن هناك مقاومين ينخرطون في الاجهزة ويمارسون اعمال مقاومة ضد الاحتلال، فكيف سيتم حل هذه المعضلة والازدواجية في عمل الاجهزة الأمنية؟
اذا كان هناك مقاوم فان من حقه أن يمارس المقاومة، اذا كان هناك مقاومة، لكن المقاوم لايتدخل في حياة الناس ولا ينظم السير ولا يتدخل في عمل المجلس التشريعي، والخلط الحاصل هو ان بعض المقاومين حاولوا ان يلعبوا دور الاجهزة الأمنية، وبعض الاجهزة الأمنية حاولت أن تلعب دور المقاومة، وهذا الامر يجب معالجته ولدي اقتراح في هذا الاطار، وربما ان الحل الامثل ان معظم قضايا الحراك الامني المدني يجري نقلها بالكامل الى جهاز الشرطة بالاساس.
هناك سؤال يثار حول دور الأجهزة الأمنية في توفير الامن وحماية امن المواطنين بما في ذلك حمايتهم من ممارسات الاحتلال والمستوطنين، كيف تنظر الى هذا الموضوع؟
الاجهزة الأمنية يجب أن تضع على رأس أولوياتها حماية امن المواطنين على الصعيد الداخلي وتنظيم حياتهم، ولا يجب ان تقبل بأي حال من الاحوال، وان تغلق الباب بشكل محكم امام كل محاولات الضغط “الإسرائيلية” لتحويلها الى وكيل امني لحماية أمن الاحتلال لأن ذلك الدور يحمل في طياته مخاطر كبيرة.
الامر الآخر، فإننا نشهد حالة تضخم كبير في أعداد عناصر الاجهزة الأمنية، ولا يجوز أن تستمر الموازنة بشكلها الحالي، حيث تمنح الزراعة 7.0%، والقانون والقضاء 1.0%، والثقافة 1.0%، في حين تحصل الاجهزة الأمنية على 34% من حجم الموازنة الخاصة بالسلطة الفلسطينية، هذا الامر غير صحي وغير طبيعي، وانا استغرب كيف يمكن تحقيق النمو والاصلاح في ظل هذا الوضع، وهذا الموضوع يجري تجاهله من قبل المسؤولين الرسميين وكلما نفتحه لا نجد اجابة، وهنا اسأل لماذا لا يجيب أحد على سؤال حول حصول الأجهزة الأمنية على هذه النسبة من موازنة السلطة؟، مع أن هناك دولاً كبيرة واقتصادها قوي جداً لا تستطيع تحمل هذا الأمر، فكيف بالنسبة لنا ونحن نعيش وضعاً اقتصادياً محطماً.
وأنا أرى ان الأجهزة الأمنية يجب ان يكون لها دور وطني أولا ودور في خدمة المجتمع من حيث حفظ الامن والامان للناس، وتعزيز وتقوية جهاز القضاء وتنفيذ قراراته المستقلة.
ماذا بشأن القضايا الاخرى التي اثيرت في جلسات الحوار؟
هناك قضية اخرى جرى التوافق عليها، لها علاقة بالقبول بارسال خبراء أمن عرب للمساعدة في عملية بناء الاجهزة الأمنية الفلسطينية بشكل مهني