الإرادة الصلبة ....... و حكمة الموقف-بقلم / نبيل دياب - غزة

لم يكن على الإطلاق التوقف أمام   تشخيص   الحالة الفلسطينية كافيا لحد التخلص من تبعاتها و انعكاساتها الخطيرة و التي باتت تهدد الكيانية و الوجود لذات الإنسان و قيمته الآدمية و التي على ما يبدو لم تؤخذ بالحسبان عند الكثير من الساسة الذين ارتضوا لذاتهم المسئولية الوطنية و الاجتماعية و قرروا جزافا تحمل أعباء و هموم الناس التي ما زالت أحلامها تطحن برحى عنفوان إفرازات المراحل النكبوية المتعاقبة سيما مرحلة التشرذم و الانقسام على الذات وصل بها الحد لما ممكن وصفه بالانشطار الداخلي بدليل العمق السلبي للنتائج   التي تترتب عليه تباعا ، غير أن التشخيص أصبح ماثلا أمام من يعايشوا قسوة الظروف القهرية و لم ينقصهم الغوص في تفاصيل الوصف و ثنايا أبجدياته كما المريض الذي أجمع على علته الأطباء و ليس بمقدوره الصبر و لا بوسعه تحمل معاناة وطأة المرض ، و هو بحاجة ماسة لوصفة علاجية  تخفف عنه عنائه ، و هذا بالفعل ما يحتاجه بل ما يتوق له شعبنا الفلسطيني   في هذه الأوقات العصيبة لمن يمد له طوق النجاة ليجدد له الأمل بمستقبله و مستقبل أجياله    و يعيد له ثقته بنفسه و بقضيته العادلة التي مهما عصفت بها الأعاصير تبقى قضية شعب يتجذر في أرضه المسلوبة عنوة و قسرا ، و هنا يتوجب توفر الإرادة الصلبة لمن يعلنون انحيازهم لعامة الناس و فئاتها المكلومة و يلتصقون   أكثر من غيرهم بهمومها  اليومية التي تشكل محور ارتكاز حقيقي لمصيرها المستقبلي ، هذه الإرادة القوية  المستندة  لمرتكزات التصميم على نيل الحرية و الاستقلال الوطني الذي يحقق عيشة كريمة لأبناء هذا الشعب الذي ما زال يدفع الغالي و النفيس ثمنا  لانعتاقه من الاحتلال الذي أوسعه معاناة و عيشة ضنكى ، لا تحتاج لمسوغات تقود لإدراجها في برامج زخرفية براقة و لا ترتبط بالواقع المعاش إنما تحتاج لترجمة فعلية تستند بالأساس للواقعية و المنطق في الأداء و التطبيق نحو بلوغ الأهداف التي تشكل ضمانة جدية و حصن منيع لمصير هذا الشعب المقهور و لا يتأتى ذلك إلا بتكاملية النسيجين الوطني و الاجتماعي و توحيد الرؤية الثاقبة لدى من يحمل على كاهله أعباء المسئولية و يهمه بأولوية جادة عدم تشرذمه و ضياعه بعبثية تودي به في جحيم الهاوية ، و ليس من الصعب و لا ضرب من المستحيل و لا وحي من الخيال أن نستعيد من جديد شحذ هممنا و تسخير طاقاتنا لاستعادة قولبة ذاتنا الوطنية الحقيقية و امتلاك زمام المبادرة الوحدوية الصادقة مستندين لإرادة وصل المقطوع في مراحلنا الدقيقة المرتبطة بمصيرنا الجماعي لحاضرنا و مستقبلنا .    

إرادة تغليب مصلحة الشعب و الوطن لتسمو فوق أي مصلحة أخرى حزبية كانت أم فردية و تفضيل الكل على الأنا    للانطلاق بكل شجاعة نحو التغيير الحقيقي لكل ما شوه معالم التكوين الاجتماعي و الإنساني لمجتمعنا الفلسطيني ، .إرادة فتية تدفع لمحو و طمس كل  ما أساء لبهاء و نقاوة تلك اللوحة الخالدة  لنضال شعبنا ، إرادة تعيد ذلك الخلود العظيم للبقاء في أبدية الانتصار لا التقهقر و الانهزام .