مصطفى البرغوثي لـ »السفير«: الحوار اللبناني قدوة حسنة للفلسطينيين

 

وسام متى-

لم يمنع الانقسام الداخلي الفلسطيني النائب مصطفى البرغوثي من مواصلة صراعه ضد الاحتلال الإسرائيلي. بالأمس، نجح رئيس »المبادرة الوطنية الفلسطينية« في حشد دعم قوى اليسار في البرلمان الأوروبي لتأجيل التصويت على قرار بتعزيز العلاقات بين أوروبا وإسرائيل، ما يمثل بنظره خير دليل على مدى قدرة »المقاومة الشعبية الجماهيرية« في تحقيق أهداف النضال... منتقداً المبالغة في تضخيم الدور الايراني في عرقلة الحوار الفلسطيني.

وفي مقابلة مع »السفير«، سبقت الندوة التي يعقدها اليوم في قصر الأونسكو حول »التحديات أمام الشعب الفلسطيني«، اليوم، أشار البرغوثي إلى أنّ الطريق ليس مسدوداً بالكامل أمام الحوار الوطني الفلسطيني. لكن المسألة بالنسبة له تتوقف على مدى استعداد كافة الأطراف لإنجاح الحوار باعتبار أنّ »أسس التوافق قائمة«.

وحول الأسباب الحقيقية للانقسام الفلسطيني، يرى البرغوثي أنّ المشكلة تكمن في »الانهماك غير الطبيعي في الصراع على سلطة وهمية تحت الاحتلال«، محمّلاً الأطراف كافة المسؤولية عما وصلت إليه الأمور، لكنه يؤكد، في المقابل، على وجود »تيارات عاقلة« داخل كل طرف تؤمن بأن الوحدة الوطنية هي المخرج.

وبعيداً عن »جَلْد الذات«، يحمّل البرغوثي إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية الكبرى عن الانقسام الحاصل. ويوضح »نجحنا في الماضي في تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس احترام نتائج الانتخابات، لكنها لم تصمد، والسبب الرئيسي في ذلك كان الحصار الإسرائيلي والأميركي الذي فرض علينا، في ظل فشل أوروبي وقصور عربي في الاعتراف بهذه الحكومة«.

ويشدد البرغوثي على أنّ إسرائيل هي »الطرف الرئيسي المعني باستمرار الانقسام، لأن في ذلك مصلحة لها«، أضف إلى ذلك »الخوف من النموذج الديموقراطي الذي نجح في فلسطين، الذي لو قدر له أن يستمر لكان سيطال بانعكاساته كل المنطقة«.

ويلخص البرغوثي شروط نجاح المصالحة بثلاثة مبادئ: الأول، أن تكون هناك »نية صادقة للاتفاق«، والثاني، وجود »إرادة قوية« قادرة على الصمود في وجه الضغوط الخارجية، والأهم من ذلك، »قناعة حقيقية بالديموقراطية والمشاركة«، وذلك من خلال التوافق على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في كل المناطق الفلسطينية.

ويضيف البرغوثي أنّ الحوار يجب أن يقوم على قاعدة وقف الحملات الإعلامية، والإفراج عن المعتقلين في الضفة والقطاع، وفك الحصار عن الجمعيات التي أغلقت بصورة غير قانونية، وتشكيل حكومة وفاق وطني انتقالية، لضمان إجراء الانتخابات المتزامنة وإصلاح الأجهزة الأمنية، وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، التي تحوّلت إلى »جهاز بيروقراطي يرفض التجديد«، مؤكداً أنّ المطلب الأخير »ليس أجندة حمساوية، إنما مطلب وطني«.

ويرى البرغوثي في الحوار الداخلي في لبنان »قدوة حسنة«، فهو، وإن كان لم يلغ الخلافات، فقد كرّس احترام العملية الديموقراطية، ووضع أسساً للحل، مشيراً إلى أنّ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان »صدّ الضغوط الخارجية«.

وحول ما يُشاع عن تدخل إيراني أفشل حوار القاهرة، يعتبر البرغوثي أنّ »في الأمر مبالغة«، مذكّراً بأنّ »التناقض الرئيس ليس بين العرب وإيران، وإنما مع إسرائيل«، لكنه يشدد على ضرورة تكريس »موقف فلسطيني وحدوي يحيّد عناصر التدخل الإسرائيلية والدولية والإقليمية«.

وفي الوقت الذي يقترب فيه الفلسطينيون أكثر فأكثر من شبح الفراغ بعد انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس في التاسع من كانون الثاني المقبل، يشير البرغوثي إلى أنّه »بغض النظر عن قانونية التمديد للرئيس، فإنّ موقف عباس سيكون أضعف، وهذا ما ستسعى إسرائيل إلى استغلاله«، معرباً عن خشيته على النظام الديموقراطي الفلسطيني في حال الفشل في انتخاب الرئيس والمجلس التشريعي.

البرغوثي، الذي كان المنافس الأبرز لعباس في انتخابات العام ،٢٠٠٥ يبدو اليوم أكثر ثقة بأنّ المنافسة ستكون أكثر حدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. تسأله عن الموضوع فيجيب »راجع الاستطلاعات«. ويتوقع ألا تتمكن أية قـــوة من الحصـــول على الغالبية المطلقة في المجـــلس التشريعي المقبل، خصوصاً أن هنـــاك شبه توافق على اعتماد النسبية.

وفي ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل في غزة، واحتمالات تفجير الوضع في القطاع، يؤكد البرغوثي أنّ »التهدئة مصلحة فلسطينية يجب إنجاحها، وهي لا تعني وقف النضال«، وإنما »توسيع المقاومة الشعبية الجماهيرية«.

لا يأمل البرغوثي كثيراً من سياسة الإدارة الأميركية الجديدة، إذ يعتبر أنّ التعيينات التي قام بها الرئيس المنتخب باراك أوباما تظهر أنه »لم يأت بفريق تغييري«، متوقعاً أنّ »يقف التغيير الأميركي عند أبواب الشرق الأوسط من دون أن يدخلها«.

ويشير البرغوثي إلى وجود اتجاهين في الولايات المتحدة، الأول يقوده الصهاينة، ويدعو إلى الابتعاد عن القضية الفلسطينية والتركيز على الوضع في العراق وأفغانستان، وهذا الأمر يصبّ في خانة ما صرّحت به وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني مؤخراً لجهة دعوتها المجتمع الدولي إلى ترك الفلسطينيين والإسرائيليين يتفاوضون من دون تدخّل، وهي بذلك تبدو »سعيدة بهؤلاء المفاوضين الفلسطينيين«. والثاني، يقوده عقلاء أمثال بريجنسكي وكارتر وهاملتون، ويرى أن لا حل لمشاكل أميركا في المنطقة من دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية.