الأخوة أعضاء المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية:
أطيب التحيات والتمنيات وبعد،
باسم المبادرة الوطنية الفلسطينية، اسمحوا لي أن أقدم لكم موقفنا ومجموعة من الاقتراحات العملية المحددة
أولا: في موضوع المفاوضات وما يجري على الأرض:
من الواضح تماما أن هناك انغلاق لأي أفق للتفاهم مع حكومة نتنياهو، فهي حكومة تواصل بشكل مسعور الاستيطان بل وتصعده وتعلن ليل نهار رفضها لتجميد الاستيطان، كما تعلن رفضها الفعلي لأي مفاوضات على القضايا الجوهرية، مؤكدة أنه لا عودة لحدود 1967 وأنها لن تسمح بالتفاوض على القدس كما أنها ترفض التفاوض على قضية اللاجئين، وتصر على أن تحل قضيتهم خارج حدود فلسطين.
وتصر كذلك على الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، أي على نسف حقوق المليون ونصف فلسطيني المقيمين في الداخل، وعلى تصفية تاريخ الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والانسانية.
كما تصر على العودة للفكرة سيئة الصيت دولة ذات حدود مؤقتة، أي دولة معازل وجيتوهات وسجون.
بل هي في الواقع تنفذ هذا الحل على الأرض واستراتيجيتها:
- استبدال فكرة الدولة ذات السيادة بحكم ذاتي هزيل على بانتوستانات ومعازل.
- تصفية العناصر الأساسية للقضية الفلسطينية – القدس – اللاجئين – الأرض
ان السؤال المركزي الذي يوجهنا اليوم ما هو الرد على ذلك؟
هل هو العمل الدبلوماسي وحده؟
وفي ظل اختلال موازين القوى، ألا يصبح العمل الدبلوماسي وحده مدخلا لمزيد من الضغوط على الجانب الفلسطيني.
للأسف نتفق جميعا في الوصف، ولكن المقدمات المتفق عليها لا تقود لاستنتاجات متفق عليها.
ولذلك نقترح أن يصدر المجلس المركزي قرارا وموقفا مستقلا عن البيان الختامي، يلزم فيه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بعدم اجراء أية مفاوضات أو لقاءات مع الاسرائيلين قبل توفر أربعة شروط:
- تجميد شامل وكامل للاستيطان وخاصة في القدس
- توفر اطار مرجعي – يستند الى القانون الدولي
- قرارت UN
- المبادرة العربية
- اعتراف اسرائيل بالاستعداد لانهاء الاحتلال عن كامل الأراضى المحتلة عام 1967
- تحديد اطار زمني محدد لانهاء المفاوضات
- اشتراط أن تشمل المفاوضات كافة القضايا الجوهرية دون استثناء وخاصة القدس – اللاجئين وحق العودة، الحدود، المستوطنات، المياه ودعوة العرب جميعا الى دعم هذا الموقف الفلسطيني علنا وفي كل المحافل.
ان جسر الهوة بين الموقفين مستحيل بدون تغيير ميزان القوى، والاصرار على تجاهل أو الهروب من الصراع لن يلغي وجوده.
اننا نعتقد أن الاستراتيجية السليمة لمواجهة هذا الوضع هي تغيير النهج القائم وتبني خطة استراتيجية وطنية مشتركة وعمل موحد، وأن نتخذ قرارا بخوض الصراع بكل طاقتنا بدل مواصلة الهروب منه أو الانشغال فقط بالصراعات الداخلية.
ولن يكفي لمواجهة الاجراءات الاسرائيلية اللجوء الى الشكوى والتذمر وندب الحال والاستسلام لفكرة غياب الخيارات البديلة.
فنحن نعيش في عالم لا يحترم الضعفاء، ولا يفهم الا لغة المصالح والقوة، وبدون خوض الصراع وتغيير ميزان القوى، وذلك ممكن من خلال بدائل واقعية وملموسة، لن يتغير السلوك الاسرائيلي بل سيزداد امعانا في وقاحته وعنجهيته.
ولن تستعيد منظمة التحرير مكانتها ان لم تمارس دورها في قيادة الكفاح الوطني، وتخرج من شرنقة الهياكل البيروقراطية والعمل الدبلوماسي الرسمي وحده.
ان نقاط الضعف في عمل منظمة التحرير بما في ذلك ذوبانها في أجهزة السلطة ليس جديدا، بل سبق بسنوات الانقسام المؤسف والمؤذي في الصف الفلسطيني.
ولذلك فإن مهمة اصلاح واعادة بناء منظمة التحرير ليست هدفا تكتيكيا بسبب الانقسام، بل هدفا استراتيجيا لاستنهاض النضال الوطني الموحد، وكي تكون المنظمة بيتا جامعا لكل الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم وارائهم وتنظيماتهم.
اننا في المبادرة الوطنية الفلسطينية نطرح عليكم استراتيجية من أربعة عناصر :
1)– تصعيد وتطوير واسناد المقاومة الشعبية الجماهيرية السلمية في القدس والضفة وسائر أرجاء الأراضي المحتلة ضد التهويد والاستيطان والجدار، وضد اجراءات فرض الأمر الواقع أي تحدي القيود والاجراءات الاسرائيلية بما في ذلك البناء في منطقة C دون اذن اسرائيلي.
2(– تبني حملة عالمية شاملة لفرض المقاطعة والعقوبات بما في ذلك سحب الاستثمارات ضد اسرائيل ، هذه الحملة التي بدأت تؤتي ثمارها ومن أمثلتها:
- قرار اتحاد النقابات البريطانية التي تضم 53 نقابة و7 ملايين عامل الانضمام الى حملة العقوبات.
- قرار النرويج بسحب استثماراتها في شركات اسرائيلية تعمل في مجال التسلح.
- سحب شركات فرنسية لاستثماراتها في القدس
- القضايا المرفوعة في كندا ضد الشركات التي تساهم في بناء الجدار.
- تعاظم حملة المقاطعة الأكاديمية للجامعات الاسرائيلية.
ولا يعقل في هذا المجال أن تتبنى حركات التضامن الدولية والأجنبية حملة فرض العقوبات والمقاطعة وسحب الاستثمارات ضد اسرائيل، ولا تقوم منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات الرسمية الفلسطينية بتبنيها.
ولذلك نقترح على مجلسكم اصدار القرار الثاني التالي:
- ان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يعلن تبنيه ودعمه لحملة فرض العقوبات والمقاطعة وسحب الاستثمارات على اسرائيل (BDS Campaign) ويتوجه بالتحية للقائمين عليها كما يتوجه بالشكر والتقدير لكافة حركات ولجان التضامن مع الشعب الفلسطيني على دعمها لنضاله العادل ومعركته ضد الجدار والاستيطان ولدورها في تنظيم وتصعيد حملة العقوبات والمقاطعة ضد اسرائيل.
- وهنا يجب العمل على الاستفادة من تقرير جولدستون الذي مثل اقراره انتصارا للشعب الفسطيني ، لقد اصبح تقرير جولدستون اليوم حجر الزاوية لشحذ واستنهاض وتوسيع حملة العقوبات ضد اسرائيل حتى ترتدع وترضخ للقانون الانساني الدولي. ولعله قد أصبح في مغزاه التاريخي مماثلا لما جرى مع قرار الأمم المتحدة حول جنوب أفريقيا وناميبيا في السبعينات. وهذه الاستراتيجية تتطلب:
استخراج قرار لاهاي حول جدار الفصل العنصري من الأرشيف والتوجه به مجددا كما دعونا مجلسكم الموقر ثلاث مرات من قبل للجمعية العمومية مع طلب محدد بفرض عقوبات على اسرائيل، اذا أردنا أن نؤثر في العالم علينا أخذ هذا التوجه في المجلس.
ولذلك نقترح على مجلسكم الموقر اصدار القرار الثالث التالي:
- يكلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التوجه فورا بقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي حول جدار الفصل العنصري والاستيطان والقدس، الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومطالبتها بفرض عقوبات على اسرائيل لاجبارها على تنفيذ القرار الذي مر على صدوره خمس سنوات.
3)– اعادة هيكلية موازنة وعمل المؤسسات الفلسطينية الرسمية والشعبية نحو هدف محدد – دعم الصمود الوطني في وجه الاجراءات الاسرائيلية – دعم المواطن الفقير، خلق فرص التعليم والعمل للشباب.. الخ.
4) - استعادة وحدتنا الوطنية وفتح أبواب م.ت.ف لتكون بيتا لقيادة وطنية جماعية وموحدة.
المصالحة الوطنية
- يؤسفنا أن توقيع الوثيقة المصرية لم يتم وأن المصالحة لم تنجز.
- كل يوم يمر يلحق بنا أضرار لا توصف.
لا بد من مواصلة الجهد لتحقيق ذلك – نقدر ونحيي التوجه لمواصلة الجهود من أجل المصالحة الوطنية- وعلينا في المجال الداخلي أن نلاحظ مخاطر ومحاذير بالغة الخطورة:
1. أن يتواصل شل العملية والمؤسسات الديمقراطية الى ما لا نهاية، بما يمثله ذلك من ضرر ماحق يسبب أخذ حق الشعب الفلسطيني في الانتخاب رهينة للخلافات.
2. أن يتواصل تركيز السلطات التنفيذية على حساب التعددية وفصل السلطات التشريعية والقضائية .
3. أن يجري الانزلاق الى ما يعمق الانقسام أكثر ويلحق ضررا ماحقا بالشرعيات الفلسطينية وذلك باجراء انتخابات في الضفة دون قطاع غزة وبدون وفاق وطني مما سيؤدي الى تحويل الانقسام الى انفصال دائم وتكريس وجود سلطتين منفصلتين في الضفة والقطاع وعاجزتين عن ثمثيل كل مكونات ومصالح الشعب الفسطيني.
أيها الأخوة والأخوات،،
لو كنا قد استشرنا قبل اصدار المرسوم باجراء انتخابات، لكنا اقترحنا أن يدعو ذلك المرسوم الى اجراء انتخابات بالتحديد في الموعد الذي تم عليه وفاق وطني ووافقت عليه كل القوى والفصائل، وهو الثامن والعشرين من حزيران 2010، ومن ثم اتخاذ الاجراءات لضمان أن تجري الانتخابات بنزاهة كاملة وحرية مطلقة لكافة القوى السياسية في الضفة والقطاع، ونشدد في هذا المجال على ما تم التوافق عليه أصلا وما يجري تجاهله بصورة متكررة، بان الانتخابات في حزيران يجب أن تكون متوازية وتشمل انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة وكذلك المجلس الوطني لمنظمة التحرير الوطنية وهو المجلس الذي لم تجر أي انتخابات له منذ عقدين من الزمن.
ولتحقيق ذلك، فإن استئناف جهود المصالحة الوطنية يجب ان يترافق مع البدء بخطوات عملية فورية لاعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية والتحضير لانتخابات المجلس الوطني، بما في ذلك الدعوة لاجتماع اللجنة التي تم التوافق عليها في القاهرة والتي تضم أعضاء اللجنة التنفيذية والأمناء العامين لكافة الفصائل الفلسطينية دون استثناء.
اننا نتوجه لمجلسكم بأن لا ندع الانقسام يبتلعنا أو يعمي بصيرتنا وأن لا نجعل المراوحة التي تفرضها اسرائيل قدرنا. بل أن ننتزع زمام المبادرة ونخلق ديناميكية جديدة تضمن اشراك الشعب في صنع القرار بالتوجه للجماهير الفلسطينية لفرض الوفاق الوطني وانجاح الانتخابات في حزيران 2010.
ان الانتخابات يجب أن تكون وسيلة لتحقيق وحدة الشعب وليس اداة لتحويل انقسامه الى انفصال دائم، سيهدد بالخطر مستقبل ومصير الشعب الفلسطيني باسره.
نرجو أن تكون ملاحظاتنا واقتراحتنا المحدد المقدمة لكم مفيدة، مؤكدين أن دافعنا وهدفنا الأسمى هو تلبية مصالح الشعب الفلسطيني العليا وضمان مستقبله