رام الله:اكد النائب الدكتور مصطفى البرغوثي الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية ان التطورات الاخيرة تمثل اعلانا لفشل نهج كامل بسبب سياسة اسرائيل وتقاعس المجتمع الدولي.
وقال البرغوثي خلال مؤتمر صحفي عقده في مركز وطن الاعلامي في رام الله انه منذ خمس سنوات حاولت اطراف دولية اقناع الجانب الفلسطيني بانه اذا اوقف الانتفاضة وبنى مؤسسات وجهاز امني وطبق خريطة الطريق فان ذلك سيقود الى انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية،ليتضح ان كل ما عمله الفلسطينيون لم يعد كافيا وان حسن الاخلاق لا يكفي وحده وان اسرائيل ممعنة في سياستها الاستيطانية وان ما وعد به الفلسطينيون لم يتحقق .
واضاف البرغوثي ان ما نراه على ارض الواقع هو استفحال للاستيطان وعمليات التهويد في القدس وعملية تدمير ممنهجة لامكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقال البرغوثي ان الاعتقاد بان الاكتفاء بنهج المفاوضات والعمل الدبلوماسي سيؤدي الى حل القضية الفلسطينية ثبت عدم صحته ،مشيرا الى ان حديث شمعون بيريس عن ان سلاما ناقصا افضل من لا شيئ هو محاولة اخرى لممارسة الخداع بهدف كسب الوقت لصالح اسرائيل،وان عليه ان يعرف ان السلام اما ان يكون كاملا او لا يكون مثلما ان المراة لا تستطيع ان تكون نصف حامل.
واوضح مصطفى البرغوثي ان ما يجري على الارض يؤكد سعي اسرائيل الى فرض الحل من جانب واحد على صورة دولة كانتونات ومعازل وجيتوات في اطار ما يسمى بدولة في حدود مؤقتة ستصبح دائمة بدون القدس والاغوار وبدون احواض المياه وبدون مناطق الاستيطان وبدون العودة الى حدود الرابع من حزيران وبدون اعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين مع تكريس نظام الابارتهايد والفصل العنصري.
وعرض البرغوثي في المؤتمر الصحفي خارطة تظهر ملامح الدولة ذات الحدود المؤقتة والتي يكرسها الاحتلال عبر جدار الفصل العنصري الذي يلتهم 60% من اراضي الضفة الغربية و كل منطقة القدس والاغوار ومناطق الاحواض المائية في الخليل وسلفيت وجنوب بيت لحم ويحول فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة الى مجرد كانتونات ومعازل.
وقال البرغوثي لقد حاول الكثيرون تجاهل تلك الحقيقة وانه لم يعد ذلك ممكنا.
واكد البرغوثي ان المهم عدم اللوم على ماجرى في الماضي بل الاهم ان نقرر ان هناك ارضية مشتركة لتوحيد الموقف الفلسطيني شريطة عدم العودة الى نفس النهج الذي ادى بنا الى هذا الوضع وضرورة تبني استراتيجية موحدة ونهج بديل شامل.
وشدد البرغوثي على ان اخطر امرين يواجهان الشعب الفلسطيني اليوم هما مقولة السلام الاقتصادي اي تحسين الاحوال المعيشية في ظل استمرار الاحتلال وتكريس نظام الفصل العنصري عبر الحديث عن الدولة ذات الحدود المؤقتة.
واستشهد البرغوثي بمقولة الراحل الدكتور حيدر عبد الشافي قبل ستة عشر "ان توقيع اي اتفاق بدون تجميد للاستيطان سيجر معه كوارث كثيرة" ،مؤكدا اننا نرى اليوم صحة هذه المقولة باجلى صورها،وانه لايجوز العودة الى المفاوضات قبل تجميد شامل ومطلق لكل الانشطة الاستيطانية بما في ذلك في مدينة القدس وتحديد اطار مرجعي ينص على انهاء الاحتلال بالكامل واطار زمني محدد لذلك مؤكدا ان استمرار الاستيطان او وقفه هو المؤشر الرئيس على السلوك الاسرائيلي.
واوضح البرغوثي انه بات من الواضح ان اسرائيل غير مستعدة لوقف الاستيطان وان اميركا غير مستعدة هي الاخرى للضغط عليها ،رغم ان الرئيس الاميركي اوباما هو الذي حدد سقف وقف الاستيطان في خطابه في القاهرة وسرعان ما تراجع عن ذلك امام ضغط اللوبي الاسرائيلي وتقاعس اطراف في ادارته وان ذلك يعطي مؤشرا خطيرا لما يمكن ان تكون عليه المفاوضات مستقبلا.
النهج البديل
وقال البرغوثي اننا نؤكد باسم المبادرة الوطنية الفلسطينية انه يجب عدم الحديث فقط عن فشل نهج التفاوض بل العمل على بناء استراتيجية وطنية بديلة تستند الى خيار المقاومة الشعبية الجماهيرية لاجراءات الاحتلال والاستيطان والى فلسفة مواجهة الامر الواقع الاحتلالي بالامر الواقع الفلسطيني وهذا يعني ليس فقط بناء مؤسسات فلسطينية بل يعني ايضا تحدي اجراءات الاحتلال وقوانينه العنصرية ومنظومة الابارتهايد الاسرائيلية واستعادة ثقافة المقاومة والصمود الوطني ،وانه حتى يفهم الاسرائيليون انهم ليسوا وحدهم من يقرر الوقائع على الارض فقد راينا هذا الاسبوع في الذكرى العشرين لسقوط جدار برلين نموذجا رائعا لهذه المقاومة الشعبية في نعلين وقلنديا حيث اسقط الشبان بايديهم العارية اجزاء من الجدار العنصري.
واشار البرغوثي الى مجموعة خطوات يمكن للجانب الفلسطيني القيام بها فورا لتغيير قواعد المعادلة ووضع اسس لتغيير موازين القوى وهي اولا: تنفيذ قرار المجلس المركزي الذي طالبنا به مرارا بالتوجه فورا بقرار لاهاي الى الامم المتحدة والمطالبة بفرض عقوبات دولية على اسرائيل حتى تنفذ القرار،وثانيا:الاعلان من جانب واحد عن حدود الدولة الفلسطينية ومطالبة الامم المتحدة باقرار هذه الحدود على جميع الاراضي المحتلة عام 67 دون استثناء بما فيها القدس واللطرون ،وثالثا:عدم الاستمرار بالتقيد بقيود اوسلو بل الخروج عنها والتمرد عليها كفرض مخطات هيكلية جديدة للمدن والقرى الفلسطينية تشمل مناطق"ج" ومنح رخص البناء في كل المناطق الفلسطينية دون انتظار اذن من اسرائيل،ورفض اي امتيازات اسرائيلية خاصة لاي طرف فلسطيني بما في ذلك امتيازات "vip" وغيرها والتاكيد على اننا كلنا شعب واحد وموحد في مواجهة الاجراءات الاسرائيلية،ورابعا:القيام بحملة رسمية وشعبية لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية حيث تصل قيمة البضائع التي تسوق في الاراضي الفلسطينية الى قرابة ثلاثة مليارات دولار ،وتخفيض نسبة الاستهلاك من الجانب الاسرائيلي بنسبة 5% يعني خلق اكثر من مئة الف فرصة عمل للعاطلين عن العمل في الاراضي المحتلة.
ودعا البرغوثي الى تبن رسمي من كل الهيئات الفلسطينية الرسمية لحملة المقاطعة والعقوبات الشاملة ضد اسرائيل وسحب الاستثمارات التي تجري على الصعيد الدولي تحقق اليوم نجاحات كبيرة ومن امثلتها قرار 53 نقابة بريطانية تضم سبعة ملايين عامل مقاطعة البضائع الاسرائيلية والضغط على الحكومة البريطانية لوقف كل اشكال التعاون العسكري مع اسرائيل.
كما دعا البرغوثي الى دعم الصمود الوطني واعادة النظر في توزيع الموازنات بحيث يكرس معظمها لدعم ما يحتاجه الصمود الوطني كمناطق الجدار ومناطق الصمود في البلدة القديمة في الخليل والقدس .
وناشد البرغوثي جميع الاطراف الفلسطينية الارتقاء الى مستوى المسؤولية واستعادة الوحدة الوطنية ،وانهاء الانقسام وايجاد وسيلة لانجاز اتفاق المصالحة الوطنية باسرع وقت ممكن وان تجري الدعوة لاجتماع يضم قادة كل الفصائل والمؤسسات الوطنية في الداخل والخارج للتباحث في الوضع والازمة القائمة وارساء اسس استراتيجية وطنية موحدة وان يجري التوجه الى الشعب الفلسطيني لاستنهاض كل طاقاته في كل مكان.
وبشان الانتخابات اكد البرغوثي انها يجب ان تكون وسيلة للوحدة والتوحيد وليس الى تحويل الانقسام الى انفصال دائم،مؤكدا انه من المستحيل القبول باجراء الانتخابات في الضفة دون القطاع وانه يجب ان تجرى الانتخابات بتوافق وبضمانات كاملة لنزاهتها لان من حق الشعب الفلسطيني ممارسة خياره الحر في الاختيار.
وقال البرغوثي اناحدا لايقبل ان تكون السلطة الوطنية غطاء للاحتلال والابارتهايد ،وان المسألة ليست حل السلطة او بقائها بل تحريرها من قيود اوسلو والاحتلال والعمل على تحرير حركة التحرر الوطني الفلسطيني من قيود السلطة ذاتها وذلك امر طبيعي ونحن نجد انفسنا في حاجة حتمية لاستمرار هذا النضال كي نصل الى حريتنا واستقلالنا.
ووجه البرغوثي تحية لابناء شعبنا الصامدين في قطاع غزة والقدس والبلدة القديمة من الخليل ونعلين وقلنديا وكافة ارجاء الاراضي المحتلة الذين قدموا نماذج رائعة للمقاومة الشعبية الجماهيرية ولكل من يكافح من اجل حقوق الشعب الفلسطيني .
واختتم البرغوثي قائلا اننا نرى على صعيد العالم عزلة للسياسة الاسرائيلية وتقدما للقضية الفلسطينية وان المطلوب اليوم هو تعزيز الارادة الكفاحية الفلسطينية للاستفادة من هذا التطور الايجابي .
***** مرفق صورة للبرغوثي خلال المؤتمر الصحفي
10/11/2009