كنا نقول إن السلام والاحتلال لا يلتقيان في معادلة واحدة، لأنهما مثل الماء والزيت لا يختلطان أبدا. لكن علماء أميركيين من جامعة أوكلاهوما نجحوا مؤخرا في خلط الماء والزيت، بينما ظل علماء السياسة في إدارة أوباما وفي وزارة كلينتون يواصلون محاولاتهم الفاشلة لخلط السلام والاحتلال وخلط الأمن والاستيطان.
قد ينجح الأميركيون في المستقبل في تحقيق انجازات علمية أخرى، وقد يكتشفون مثلا خطأ نظرية الجاذبية، وربما يبهدلون داروين ويكتشفون أن أصل القرد إنسان. لكن الولايات المتحدة لن تنجح إطلاقا في إقناعنا بالتعايش مع الاحتلال.، باعتباره حالة حضارية وواقعا طبيعيا، وقدرا يجب القبول به خشية الوقوع في الكفر لا سمح الله.
لا سلام مع الاحتلال، ولا يمكن مطالبة الفلسطيني بقبول ما يرفضه المستنيرون في المجتمع الإسرائيلي. وكيف تريد إدارة البيت الأبيض أن نتعامل بأريحية وتسامح مع قطعان المستوطنين الذين يحتقرهم الإسرائيليون أنفسهم، وينظرون إليهم دونية، ويعتبرونهم مجموعات من البلطجية والزعران الذين يرهقون ميزانية الدولة ويخلون باستقرارها؟
الاستيطان هو النتيجة المباشرة للاحتلال، ولا يمكن بأي حال فصل الملفين، فالحديث عن الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية لا يكون منطقيا أو واقعيا إلا إذا جاء متصلا بالحديث عن الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأرض التي نتمسك بقدسيتها لأنها لنا، ولأنها أرض فلسطينية طيبة ترفض الخضوع للأساطير والشعوذات والأكاذيب عن أقوام وممالك يهودية لا وجود لها إلا في كتب المشعوذين وفي عقول الذين يصدقونهم في صف الكهنوت الديني في اميركا والعالم.
قد يخلطون الماء بالزيت، لكن خلطة الاحتلال والسلام ستظل مستحيلة، كما أن خلطة الاستيطان والمفاوضات هي وصفة للبؤس وللسقوط لكل من يتورط فيها.