تونس - من آسيا العتروس -عزا الدكتور مصطفى البرغوثي فشل جهود المصالحة الفلسطينية حتى الان إلى انعدام النية الكافية لدى كل من "فتح" و"حماس"، اضافة الى الضغوط الخارجية. واذا كان البرغوثي اشاد في هذا الحديث الهاتفي الخاص بـ بصمود الشعب الفلسطيني وثباته وعدالة قضيته، فإنه انتقد المجتمع الدولي واعتبر ان العالم العربي مفعول به بدل ان يكون فاعلا.
ورأى البرغوثي في الحديث الذي خُصص لاستعراض حصيلة سنة 2009 ان قرار الرئيس عباس عدم الترشيح للانتخابات، هو نتيجة مباشرة للتعنت الاسرائيلي والفشل الاميركي في تفعيل عملية السلام. وانتقد موقف الحكومة البريطانية ازاء قرار القضاء البريطاني توقيف ليفني واعتبر ان قوة ونفوذ اللوبي اليهودي وراء ذلك. وعن تصريحات المسؤولين الاوروبيين المؤيدة لقيام الدولة الفلسطينية قال البرغوثي "لم نعد نصدق الوعود، نريد افعالا حقيقية".
يذكر أن الدكتور البرغوثي وزير الاعلام السابق كان شارك في اللجنة القيادية لمفاوضات مدريد للسلام قبل أن يستقيل احتجاجا على النهج الذي سارت اليه المفاوضات الموازية في أوسلو، وهو حاليا الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية. وهنا نص الحديث:
* الى اين يتجه المشهد الفلسطيني مع نهاية هذا العام وأية حصيلة يمكن الخروج بها؟
ـ أولا أوجه تحياتي من خلال هذا اللقاء لكل الفلسطينيين ونحن نستعد لاستقبال سنة جديدة... هناك ثلاثة ملامح كبيرة يمكن وضعها لتقويم حصاد هذا العام الذي نودعه خلال أيام، بعضها ايجابي وبعضها سلبي. ونبدا بالايجابي وهو مقترن بشكل خاص بصمود شعبنا وثباته وفشل كل المحاولات لكسر ارادته وفشل الحرب في كسر المقاومة. واليوم نرى هذا الشعب اكثر تصميما وثباتا بعد تلك المجزرة التي استهدفت غزة. وهذا الصمود والاصرار من جانب شعبنا على نيل حقوقه يتضح اكثر فاكثر من خلال التصاعد اليومي للمقاومة الشعبية في القدس المحتلة او المظاهرات الشعبية في بلعين ونعلين والمعصرة او في ثبات الفلسطينيين امام محاولات التهويد والتشريد وتضييق الخناق على حياة الناس اليومية. ثانيا وهو العنصر المتعلق بالجانب السلبي فهو يرتبط بتلك الملامح المؤسفة للانقسام الداخلي بين "فتح" و"حماس" والذي لم يعد له أي مبرر، وهو بالاضافة الى كل ذلك يكلف شعبنا الكثير ولا يستفيد منه غير الاحتلال.
ثالثا هناك الفشل المطلق لعملية السلام وذلك بسبب التعنت الاسرائيلي والعجز الاميركي والدولي في نفس الوقت. نحن الان في مرحلة لا أفق معها لعملية السلام وبدون تغيير موازين القوى لن يكون هناك افق ولكن ايضا بدون مقاومة لن تتغير موازين القوى.
* هناك اصوات ارتفعت اليوم مطالبة بالانتفاضة ضد حركتي "فتح" و"حماس" فكيف تنظرون الى هذا الصراع؟
ـ من المعيب ان يكون هناك من يدعو للانتفاضة ضد الاخر. الانتفاضة مشتركة ويجب ان تكون ضد الاحتلال، ومن المعيب ايضا تغليب الصراعات الداخلية فهذا مسيء لقضيتنا ولانفسنا.
هناك معركة تدور الان ضد القدس وتستهدف عروبة القدس والاقصى وكل معلم من معالم المدينة الاسلامية والمسيحية. وهناك حملة تهويد وحرب علنية لترحيل ستين ألفا من اهل القدس وما نشهده حملة تطهير عرقي اخطر واسوأ من نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا، ومع ذلك فشعبنا صامد وثابت على ارضه ولو أدرك الاخوة في "حماس" و"فتح" تلك الحقائق وابعاد تلك الحرب لربما كانوا توقفوا عن المهاترات.
* ماذا يعني تراجع القضاء البريطاني في شأن التحقيق مع مجرمي الحرب الاسرائيلين بعد تصريحات براون ودعوته المفتوحة لوزيرة الخارجية الاسرائيلية ليفني لزيارة لندن متى شاءت من دون ان يكون لاي قضاء امكانية لتوقيفها؟
ـ القضاء البريطاني لم يتراجع بعد وهذا عنصر مهم لا بد من توضيحه، لكن هناك محاولات لجعله يتراجع وهذا يعكس قوة ونفوذ اللوبي الاسرائيلي في بريطانيا وقدرته على التفاعل والتناغم مع الحكومة البريطانية. ولكن عندما يصل الامر الى اقدس الاقداس والى استقلالية القضاء الذي تفخر به بريطانيا ومعها اوروبا وكل العالم الحر، فهذا خطير جدا واذا كان البريطانيون سينجرفون الى ذلك فليتوقفوا نهائيا عن اطلاق فزاعتهم بشان حقوق الانسان وسياسة الرياء والمعايير المزدوجة التي يتعاملون بها إزاءنا..
* لماذا فشلت جهود المصالحة حتى الان وهل انتهى الدور المصري؟
ـ انعدام النية الحقيقية لدى الطرفين هو عنصر مهم كان له دوره في عرقلة الحوار، ثم هناك الضغوط الخارجية ومنها ضغوط الولايات المتحدة وضغوط اقليمية لمنع المصالحة ومعها عدم توافر القدرة على صد الضغوط الخارجية، وربما كانت المصالحة تحققت منذ وقت طويل لو كان هناك مجال للتصدي للضغوط الخارجية ونحن لا نعتبر ان الدور المصري قد انتهى بل انه مستمر ومهم.
* ماذا يعني اعلان الرئيس الفلسطيني عدم ترشحه للانتخابات وهل في ذلك مناورة وما هو البديل لهذا الوضع؟
ـ الرئيس عباس مصمم على عدم الترشيح وهو صادق مع نفسه، فقد سبق له الاعلان أنه جاء ببرنامج سياسي وأن هدفه يسعى الى تحقيق دولة فلسطينية وتحقيق السلام وحل قضايا الأسرى واللاجئين ووقف الاستيطان وتهويد القدس، لكن فشل البرنامج والسبب إسرائيل ومعها الحليف الأميركي. وموقف عباس هو من دون شك نتيجة مباشرة لسياسة التعنت التي تنتهجها اسرائيل ونتيجة لفشل الولايات المتحدة ايضا. وبالنسبة لنا البديل يكمن في اربعة عناصر اولها المقاومة الشعبية والجماهيرية ثانيا العمل على استنهاض حملة عقوبات فعلية ضد اسرائيل وسحب الاستثمارات التي ترصد للمستوطنين وللاحتلال، ثالثا دعم الصمود الوطني الفلسطيني باستخدام الموارد والمساعدات الدولية ليس للجانب الامني فقط ولكن للجانب التنموي وللزراعة والتعليم والتاهيل. رابعا استعادة الوحدة الوطنية والتاسيس لقيادة موحدة تشكل البديل الصحيح للوضع السائد.
* قبل يومين صرح وزير خارجية اسبانيا موراتيونس الذي تستعد بلاده لتولي رئاسة الاتحاد الاوروبي الى انه لن يدخر جهدا في سبيل اعلان الدولة الفلسطينية سنة 2010 فهل من مجال للتعويل على دور اوروبي وكيف تنظرون الى تصريحات موراتيونس؟
ـ كلام جميل ولكنه سيبقى مجرد كلام اذا لم يترجم الى افعال، واسرائيل لن ترتدع بدون عقوبات تماما كما كان الحال مع نظام جنوب افريقيا. والاتحاد الاوروبي مطالب اذا اراد ان يكون له وزن بالتحرك فعليا وامامه الكثير للقيام به واول تحرك يمكن للاتحاد الاوروبي القيام به هو سحب تلك المكانة المتميزة لاسرائيل وسحب اشكال الدعم المختلف المخصص للاحتلال.
لقد علمتنا التجارب الا نصدق الوعود. نحن نريد افعالا ولايمكن ان نحتمل هذا الظلم المسلط علينا اكثر مما احتملنا. وللتذكير فان الاتحاد الاوروبي يمنح الاسرائيليين الكثير من الامتيازات وبعض تلك الامتيازات دعمه الواسع للابحاث العلمية واقل شيء يمكن لاوروبا القيام به وقف التعاون العسكري وحينئذ سيكون لاوروبا وزن، وكل كلام لا يعني شيئا بدون نتائج.
آن الاوان لان تشمل العدالة شعبنا... نحن لا نطالب بالكثير فقط نقول للاتحاد الاوروبي اوقفوا الدعم العسكري للاحتلال الاسرائيلي، وندعو العرب الى وقفة جادة للضغط على اوروبا واميركا. وهناك اوراق كثيرة يمكن اعتمادها. نعيش في عالم لا يعرف غير لغة القوة والمصالح ومن موقعي انا لا ادعو العرب للدفاع عن الفلسطينيين فقط، ولكن ادعوهم للدفاع عن انفسهم ايضا فهناك استهانة واستخفاف بالعالم العربي، وبات هذا العالم العربي مفعولا به لذا حان الوقت لان يكون له دور على الساحة الدولية، وتحقيق أي تحول لا يمكن أن يحصل من دون توافر ارادة جدية لذلك.
* وماذا عن حصار غزة وهل من زيارة قريبة الى القطاع؟
ـ لن نتوقف عن المطالبة بوقف الحصار، أنا ممنوع من دخول غزة عبر ايرتز وأسعى للوصول الى أهالينا قريبا بالتعاون مع الأخوة المصريين.