البيرة - الحياة الجديدة - اوصى قادة الفصائل والاحزاب السياسية الفلسطينية بضرورة عقد لقاء وطني شامل، لايجاد توصيات حقيقية وفاعلة لتطوير العملية التعليمية والتربوية، وايجاد تعليم وطني حر منفتح وديمقراطي، مقاوم للاحتلال الاسرائيلي.
جاء ذلك خلال الجلسة الختامية من منتدى الايام التربوية التنويرية، التي حملت عنوان «التعليم ونوعيته.. من المسؤول» والذي اختتم اعماله في مدينة البيرة، عصر امس.
رأفت: مشاكل ذاتية
وفي بداية الجلسة التي خصصت لدور الاحزاب السياسية، ومسؤوليتها في العملية التعليمية، اشار صالح رأفت الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني «فدا» الى ان التعليم هو اساس التنمية الوطنية، والاقتصادية، والاجتماعية، مؤكدا ان العملية التعليمية في فلسطين تعاني من مشاكل ذاتية عديدة، كطريقة التدريس، ونوعية التعليم المقدم للطلاب.
وقال رأفت «انه رغم الخطط الخمسية التي تقرها الحكومة والوزارات المختلفة وتعمل وفقها، الا ان نوعية التعليم في فلسطين في تدهور مستمر، وهو عاجز عن مواكبة التطور الثقافي، والتكنولوجي، والمعرفي، مستشهدا بتقرير ديوان الرقابة المالية والسياسية للعام 2009، والذي اوصى بالقيام بمراجعة شاملة لتقييم العملية التعليمية، وضرورة ربطها بسوق العمل المحلي، وتعزيز دور البحث العلمي، اضافة الى اصلاح العملية التعليمية، وتلبية متطلباتها، ووضع استراتيجية وطنية للتعليم بكافة مراحله وفق رؤى تفصيلية.
وحول مساهمة الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني «فدا» في تحسين نوعية التعليم، ورفع جودته، تطرق رأفت للحديث عن الرؤية التي قدمها الحزب لمجلس الوزراء، والتي طالبت الحكومة بضرورة الاستثمار في التعليم، وتطوير ادوات التعليم وتوفير الامكانات لذلك، ورفع التعليم الالزامي المجاني للمرحلة الثانوية، وجعل المدارس الحكومية، ومدارس وكالة الاغاثة مختلطة.
وفي نهاية حديثه دعا رأفت الحكومة لرفع المستوى الاكاديمي للجامعات والمعاهد، وتوفير الدعم اللازم لتطوير برامجهم التدريسية، اضافة الى تشجيع البحث العلمي، وربطه باحتياجات المجتمع المحلي، وايلاء الاهتمام لقطاع التكنولوجيا والمعلومات، وتطوير مؤسسات التعليم المهني، ورعاية الطلاب المتفوقين، ورفع رواتب المعلمين.
البرغوثي: مشكلة الموازنة
بدوره ركز د. مصطفى البرغوثي، الامين العام لحركة المبادرة الوطنية خلال مداخلته على دور واثر السياسة التعليمية في رفع مستوى التعليم ونوعيته في فلسطين، مؤكداً ان غياب المجلس التشريعي وتعطيله يجعل الجميع عاجزا عن التأثير في تلك السياسة، موضحا ان التشريعات والقوانين اصبحت تسن من قبل الجهة التنفيذية دون المرور على المجلس التشريعي، مشددا على اهمية استعادة دور التشريعي في السياسة التعليمية.
واوضح البرغوثي «ان السياسة التعليمية في فلسطين تعاني مشكلات عديدة ابرزها، نسبة الموازنة المخصصة للتعليم من الموازنة العامة للحكومة، مقارنة بالقطاعات الاخرى التي تستحوذ على النسبة الاكبر من الموازنة العامة، كقطاع الامن».
ودعا البرغوثي لاقامة حملة وطنية شاملة لاقرار الصندوق الوطني للتعليم العالي، لأهميته في تلبية احتياجات شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني، تصل الى 80% من العائلات الفلسطينية، يمنح ابناءهم فرصة اكمال تعليمهم الجامعي.
وتابع الرغوثي حديثه حول الاجراءات التي تم السير بها لاقرار صندوق الطالب الوطني، موضحاً «انه تم اعداد قانون الصندوق وتقديمه للمجلس التشريعي، الذي ناقشه واقره بالاجماع في القراءة الاولى عام 2006، والى الان لم يتم تنفيذه، مضيفا ان اهمية الصندوق تكمن في قدرته على توفير البعثات التعليمية للطلاب المتفوقين، ومنح القروض المسهلة لجميع الطلبة، حتى انهاء دراستهم، ومن ثم البدء بتسديد قيمة القروض، مع بداية انخراطهم في الحياة العملية».
وقلل البرغوثي من التكلفة الاجمالية لانشاء صندوق الطالب الفلسطيني، موضحاً ان التكلفة الاجمالية في العام الاول لا تتجاوز 90 مليون دولار، و15 مليون دولار في العام الثاني، ومن ثم يصبح الصندوق قادرا على تمويل نفسه، مبينا ان ذلك المبلغ لا يشكل سوى 4% من حجم المساعدات الممنوحة للسلطة الفلسطينية.
وطالب البرغوثي في نهاية حديثه بضرورة تنشئة الجيل الجديد على الرواية الوطنية الفلسطينية، لمنع محاولات الاحتلال الاسرائيلي من التشويش على مسار العملية التعليمية، واحلال القيم الوطنية لدى الطلاب في المدارس، مشيرا الى وجود تدهور في التربية العامة، وفي القيم والمفاهيم داخل المجتمع الفلسطيني.
الصالحي: رفع مستوى التعليم
من جهته دعا الامين العام لحزب الشعب بسام الصالحي، الى رفع مستوى التعليم باعتبار ذلك «ام القضايا» في ظل تراجع امكانية حل القضية الفلسطينية، موكدا ان ذلك سيخلق تحولا نوعيا في الواقع التعليمي والثقافي القائم.
وبين الصالحي ان تطوير التعليم بات ضرورة حيوية الان، لاستعادة التفكير العلمي في كافة مجالات الحياة، واحداث التغيير اللازم في ذلك، مشيرا الى ضرورة رفع مستوى عناصر العملية التعليمية – المعلمون، الطلاب، الادوات والاجهزة-، مؤكداً استحالة تطور التعليم في ظل عدم استقرار المعلمين، ماديا ووظيفياً.
ودعا الصالحي الى «دمقرطة التعليم» من خلال تحسين اساليب التدريس ونوعيته، وربطه بالمجتمع المحلي، ورفع مستوى اطراف العملية التعليمية المشاركين بها، مطالبا بضرورة تعزيز نقابة المعلمين، ودعمها.
عبد الكريم: التعليم للجميع
اما عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبد الكريم، فقد اكد على ضرورة توفير التعليم للجميع، باعتباره حقا مقدسا لجميع المواطنين، على السلطة توفيره بشكل الزامي ومجاني للمرحلة الثانوية، اضافة الى مساهمتها بتوفيره في مؤسسات التعليم العالي بتمكينها بمختلف الوسائل.
واوضح عبد الكريم انه رغم التطور الذي طرأ على التعليم، الا انه ما زال يعاني من مشكلات عدة ابرزها، اكتظاظ الطلاب في الصفوف الدراسية، وقلة الكادر البشري التدريسي.
واوضح عبد الكريم ان التعليم العالي يمر بأزمة تنعكس بذاتها على الجميع، موضحا ان حل هذه الازمة يكمن في تكريس وتوفير موارد مالية وبشرية اكثر من قبل السلطة والمجتمع المحلي.
واكد عبد الكريم ان صندوق الطالب تم اقراره بالاجماع من قبل المجلس التشريعي خلال القراءة العامة، ويجب الان اقراره واصداره بقرار رئاسي من الرئيس محمود عباس لاهميته المجتمعية الملحة، داعيا في نهاية حديثه الى المواءمة بين التعليم العالي واحتياجات سوق العمل.
صيدم: ثورة تعليمية تربوية
بدوره اكد صبري صيدم، مستشار الرئيس لشؤون التكنولوجيا، ونائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح ان فلسطين بحاجة الى ثورة في العملية التعليمية والتربوية.
وحول الفصل الوظيفي والتعسفي، قال صيدم ان حركة فتح ترفض فصل الموظفين التعسفي، بناءً على الانتماء السياسي، مؤكدا ان هذا الامر يحدث في الضفة، وقطاع غزة كنتيجة للانقسام السياسي.
واشار صيدم الى ان فلسطين بحاجة الى تعليم نوعي، مؤكدا ان هذا المسؤولية تقع على عاتق جميع المسؤولين، في المجتمع الفلسطيني.
واوضح صيدم ان الخطة الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم المقدمة للحكومة تضمنت بنودا تتعلق بتطوير القوانين والتعليمات التعليمية، وتوفير التجهيزات التقنية والمعلوماتية، اضافة الى تطوير المناهج، وتنفيذ استراتيجية لتطوير المعلمين، وتعزيز النشاطات الطلابية، وتنمية الاشراف التربوي، وتعزيز القدرات البشرية، وربط التعليم العالي باحتياجات سوق العمل، داعيا الى ضرورة النظر في رواتب المعلمين.
جرار: تعليم وطني حر
من جهتها اشارت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خالدة جرار الى تراجع التعليم العالي الفلسطيني، على الصعيد الاقليمي والدولي مقارنة بالمكانة التي كان يحتلها في السابق.
واوضحت جرار ان التعليم في فلسطين يعاني من مشكلات عديدة، تعيق تقدمه وتطور نوعيته منها الاتجاه نحو خصخصة التعليم، وتدني رواتب المعلمين، اضافة الى فصل الموظفين التعسفي القائم على اعتبارات سياسية، والنسبة المتدنية المخصصة لقطاع التعليم من الموازنة العامة، وسياسة التعيينات والترقيات القائمة على المحسوبية.
ورأت جرار ضرورة تقييم العملية التعليمية بجرأة، وبعيدة عن الاستقطاب السياسي، لايجاد تعليم وطني حر ديمقراطي، لا يخضع لاي ايدولوجيا او توجهات معينة.
هذا وكانت الجلسة الاولى من اليوم الختامي لمنتدى الايام التربوية التنويرية خصصت للحديث عن مسؤولية الاعلام، والمؤسسات الاهلية في تحسين نوعية العمل، حيث قدمت د. سمر الشنار عضو الهيئة التدريسية في كلية الاعلام في جامعة النجاح الوطنية تصورات حول مساهمة الاعلام التربوي في فلسطين، في توفير بيئة تعليمية.
واستعرضت الشنار خلال حديثها المحاولات الاعلامية «الخجولة» التي تطرقت الى موضوع الاعلام التربوي، مشيرة الى غياب اي دور اعلامي تربوي في الشتات والداخل الفلسطيني.
ودعت الشنار خلال حديثها الى تشكيل هيئة عليا، او مجلس اعلى للاعلام التربوي في فلسطين، يقوم بالتخطيط والتنسيق
بين المؤسسات ذات العلاقة بالعملية التعليمية، اضافة الى ضرورة توفير الكادر الاعلامي والتعليمي الكافي.
بدوره قدم اياد عودة ورقة بحثية حول الشراكات والتشبيك التربوي في فلسطين، تطرق خلالها الى واقع العلاقات بين المؤسسات التربوية في فلسطين، ومفهوم التشبيك بين المؤسسات والمنظمات الاهلية، ومعيقات العمل ضمن شبكة او المخاوف من التشبيك.
وتطرق عودة خلال حديثه الى فوائد التشبيك للمنظمات الاهلية، وانواع وتقسيمات التشبيك، واليات خلق تشبيك لمجموعة من المنظمات الاهلية.
بدوره اشاد د. علام جرار عضو شبكة المنظمات الاهلية بمنتدى الايام التربوية التنويرية، والذي اعتبره محاولة لاطلاق حوار مجتمعي لتطوير التعليم، داعيا الى ان تكون حدثا سنويا تقليديا للبحث في الهموم التعليمية. وتحدث جرار خلال كلمة له عن تجربة الائتلاف التربوي في فلسطين، والذي يتألف من نحو 17 مؤسسة اهلية، مختلفة الاهتمام.
اما عماد صلاح فقد قدم ورقة بحثية تحدث خلالها عن اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي ضد المؤسسات المقدسية، بشكل عام، وعلى المؤسسات التعليمية بشكل خاص.
واعطى صلاح ارقاما ومعطيات حول واقع التعليم في القدس، حيث اشار الى وجود نحو 8 الاف طالب مقدسي دون مقاعد دراسية، اضافة الى ان القدس تعاني من تعدد
المرجعيات
التعليمية، حيث هناك اربعة انظمة تعليمية في المدينة، مبينا ان 56% من المدارس في القدس تابعة لما تسمى»بهيئة المعارف الاسرائيلية».
يذكر ان مؤتمر الايام التربوية التنويرية ركز خلال ايام انعقاده على الدور الذي تلعبه التربية المدنية في خلق حالة ثقافية فلسطينية عنوانها المواطنة وحقوق الانسان، على ارضية المساواة والشراكة، كون المواطنة قضية كل مواطن.
وجاء المؤتمر ثمرة لجهود مركز ابداع المعلم وشركاؤه في تأطير وتأصيل مفهوم التربية المدنية، والمفاهيم الاخرى المتصلة بها، على امل ان يؤسس المؤتمر لانطلاقة حقيقية نحو مأسسة التربية المدنية في اطار اكاديمية فلسطينية متخصصة في التربية المدنية قادرة على تنفيذ برامج متخصصة ومتطورة في حقل المدنيات. وتمخض عن المؤتمر اعلان مبادرة لتأسيس مجلس تعليم عام يوازي مجلس التعليم العالي ويعمل بروح تنويرية تأكيداً لمبدأ الشراكة، حيث تتحمل كل الاطراف مسؤوليتها اتجاه التعليم في اطار المسؤولية الجماعية. وعبرالمشاركون عن املهم ان تصبح الايام التنويرية بمثابة تقليد سنوي يجمع الاطراف الفاعلة في العملية التعليمية التعلمية، على امل ان يتم تعميم نموذج الشراكة الفاعلة بين الوزارة والمركز الذي تجسد خلال هذه الايام.