فرصة حقيقية للتعليم - وسيم غزاوي-جنين

 

 

قال لي احد الأشخاص ذات يوم " لا تتعلق فتعلق ", ربما عندما سمعت هذه العبارة أول مرة نظرت لها من زاوية مختلفة ولكني اليوم وعندما أعيد التفكير بها أجد أن هناك الكثير من الطلاب الجامعيين في فلسطين قد علقوا آمالا كبيرة أثناء دراستهم الثانوية العامة على شكل التخصص الجامعي الذي سيلتحقون به, وما أن تظهر النتائج حتى تنطلق الزغاريد في كل مكان وتعم الفرحة, ولكنها فرحة لا تلبث أن تنفجر كفقاعة صابون فيعلق الطالب وأسرته بين هم اختيار التخصص و هم تأمين القسط الجامعي لتخصص ليس بالضرورة ما رغب بدراسته ولكن ما يستطيع دفع تكاليفه.

الكل فينا يفتخر بان شعبنا الفلسطيني هو شعب يحب العلم ويعشقه, لكن هناك الكثير من الطلاب والطالبات الجامعيين ممن حصلوا على درجات متفوقة جدا في امتحان الثانوية العامة, وتجده عند سؤاله عن التخصص الذي وقع عليه "اختياره" في الجامعة يقول لك بأنه يدرس تخصص لم يكن ما حلم به وسهر من اجله الليالي وعندما تتساءل عن السبب في العزوف عن اختيار التخصص المرغوب ستجد أن السبب لا يعود لعدم توفر هذا التخصص في جامعاتنا الفلسطينية, ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة للطالب لا تسمح له بدراسة هذا التخصص, بالطبع فلا زال هذا الطالب محظوظا نسبيا مقارنة مع اقرانه الأشد عوزا الذين لا يستطيعون الالتحاق بالجامعة بشكل عام, مما يؤدي في الحالة الأولى إلى اقتصار التعليم في التخصصات المكلفة على طبقة بعينها والتي تحتاج دراستها لمبالغ مرهقة وفي الحالة الثانية إلى عزوف الطالب أصلا عن إكمال دراسته الجامعية وفي كلتا الحالتين فان أبناء الطبقات الشعبية والذين يشكلون السواد الأعظم من أبناء شعبنا, إما لا يستطيعون إكمال دراستهم الجامعية أو لا يستطيعون دراسة التخصص المرغوب أو في أحسن الأحوال سوف تتحول حياة أسرهم إلى جحيم سببها التوتر والقلق والأعباء المالية على أبواب كل فصل جامعي.

وإذا ما نظرنا إلى توزيع الميزانية العامة للسلطة الفلسطينية على القطاعات المختلفة نرى انه من الضروري إعادة توزيعها بشكل عادل وإعطاء التعليم الأهمية القصوى لما يعنيه هذا القطاع للشعب الفلسطيني,  من هنا جاءت مبادرة تجمع المبادرة الطلابي في القيام بسلسلة نشاطات لإقرار قانون الصندوق الوطني للطالب الجامعي هذا الصندوق الذي يحاكي معاناة السواد الأعظم من الطلاب الجامعيين والأهالي الذين يسهرون الليالي ويؤرقهم التفكير في كيفية تامين القسط الجامعي لأبنائهم على أبواب كل فصل, حيث تبدأ المعاناة لتتكرر من جديد, وانطلاقا من هذا الواقع الأليم فان أبناء شعبنا مدعوون اليوم لإسناد هذه المبادرة وحشد كل الجهود من اجل مناصرة هذا المطلب مستشعرين المخاطر المحدقة بواقع التعليم العالي في فلسطين في حال استمرار هذه المعاناة في تامين الأقساط الجامعية.

 إن إقرار قانون الصندوق الوطني للتعليم العالي سيحل مشكلة جميع طلاب فلسطين البالغ عددهم 190 ألف طالب وطالبة بغض النظر عن انتمائهم السياسي ودون أن يكون هناك أي واسطة أو محسوبية, حيث سيقدم هذا الصندوق منح للطلبة المتفوقين وقروض ميسرة ومؤجلة التسديد إلى ما بعد التخرج والالتحاق بسوق العمل, لكي يبدأ هؤلاء الطلاب وبعد التحاقهم بسوق العمل على تسديد هذه القروض بشكل أقساط ميسرة كي يستفيد الطلاب الحاليين مثلما استفادوا هم منها سابقا دون أن يترتب عليهم أية فوائد.

اليوم هناك فرصة حقيقية للتعليم في فلسطين تضعها المبادرة الوطنية الفلسطينية بين أيدي الطلاب من خلال تسخير كافة الإمكانيات من اجل إنجاح حملة الصندوق الوطني ومساعدة الطلاب على حل مشاكلهم ومشاكل الأجيال القادمة

إن أفضل طريق للقول هي أن تفعل وانطلاقا من هذه الحقيقة فأن طلابنا اليوم مدعوون ومن خلال النضال ألمطلبي والضغط المشروع على صناع القرار لتحويل أحلامهم إلى حقيقة وان لا ينتظروا أن تنبعث الحلول من العوالم الخفية أو بمعجزة من المعجزات, عليهم مساعدة أنفسهم وتحقيق أحلامهم بكافة الوسائل المشروعة ومن خلال الانخراط في النضال الجماهيري للضغط على الحكومة من اجل أقرار هذا القانون الذي قدمه الدكتور مصطفى ألبرغوثي و صوت عليه المجلس التشريعي بالإجماع في القراءة الأولى,

بقي القول... أن الحكومة ليست عاجزة عن توفير تكاليف صندوق التعليم العالي، لأنها تشكل ما نسبته 3.5 بالمائة فقط من حجم المساعدات الخارجية السنوية للحكومة وبهذا نستطيع تحقيق العدالة وبهذا نعزز صمودنا وهكذا ننتصر.