إذا كانت هناك بداية !.. متى ستكون النهاية ؟..بقلم: لؤي عطاونة

 

عندما يسمع احدهم صدفة ممن ليس له اهتمامات بالسياسة ،  الأخبار التي تتردد على وكالات الأنباء وتكتب عنها الصحف بشكل يومي في جميع أنحاء المعمورة ، والتي تتحدث عن المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ... للوهلة الأولى يعتقد أن عملية السلام قد أوشكت وشارفت على أن يؤتى ثمارها وستنعم الأجيال قريبا بالسلام وتعيشه واقعا ملموسا .... وربما سيبدو الخلاف على انه بسيط وغير معقد ....

من الواضح جدا انه عندما وقع اتفاق اوسلو عام 1993 الذي اعتقد البعض انه كان بداية حقبة جديدة للفلسطينيين باتجاه العيش بحرية وكرامة في ظل سلام عادل يؤمن للأجيال المتعاقبة حقهم في العيش الكريم ، فقد كان واضحا وضوح الشمس لمن كان لديهم الخبرة النضالية والسياسية  بان هذا الاتفاق كان نهاية مرحلة أراد منها الاحتلال إنهاء كل مظاهر النضال والمقاومة وبداية مرحلة جديدة بالنسبة لهم تتمثل في سياسة فرض الأمر الواقع من خلال كسب الوقت وإضاعته على الفلسطينيين في المماطلة من خلال مفاوضات لها بداية وليس لها نهاية .

ويبدو واضحا أكثر اليوم بعد أن أصبحنا نعيش في معازل على شكل سجون كبيرة في تجمعات سكنية مقطعة الأوصال وبعد الإطباق بشكل رهيب على كل نواحي الحياة الفلسطينية وتفشي سرطان الاستيطان في معظم الأراضي وبعد نشوء أسوأ نظام تمييز عنصره عرفه التاريخ الحديث ، أصبح واضحا للقاصي والداني وللصغير قبل الكبير أن عملية التفاوض أصبحت ليس فقط غير مجدية بل تشكل خطرا كبيرا على قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس . وبذلك يكون الاحتلال الصهيوني نجح في الوصول للنهاية قبل أن يبدأ الفلسطينيون .

لا أريد أن اذكر في هذا المقال ما يدل على الوصول للنهاية التي خطط لها الصهاينة . لان المشاهدات على ارض الواقع تخبرنا بالحقيقة . فتعاظم الاستيطان وبناء المستوطنات في الوقت الذي لا يستطيع فيه أن يحصل الفلسطيني في غزة على طوبة أو كيس اسمنت واحد في محاولة منه لدرء برد الشتاء أو حرارة الصيف عن أطفاله .... بعد تدمير عشرات آلاف البيوت في حرب مستعرة شنها الجيش الإسرائيلي عليه هو اكبر الدلالات على ذلك.

لقد اعتقد البعض منا أن أوسلو كانت بداية بزوغ فجر الحرية ، ولا أجد سببا أفسر فيه لماذا يعتقدون حتى اليوم أن المفاوضات التي يجري الحديث عنها اليوم سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة هي السبيل الوحيد للخلاص من الاحتلال . ففشل أمريكا الذي أعلنت عنه مؤخرا في إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان بشكل جزئي هو خير دليل على الوصول إلى نهاية الفشل .

أما إذا أردنا أن نتحدث عن البداية فعلينا أن نرجع ليس بكثيرا إلى الوراء حيث الانتفاضة الشعبية الباسلة التي خاضها شعبنا في أواخر عام 1987 ، والتي يصادف اليوم ذكراها الثالثة والعشرون . فكانت هذه الانتفاضة التي توحد فيها الشعب الفلسطيني جغرافيا بكل اطيافه واستجمع قواه هي البداية لمرحلة تحرر حقيقية . حيث كادت هذه الانتفاضة التي شكلت أروع صور المقاومة الشعبية الجماهيرية الواسعة أن هي السبيل لإنهاء الاحتلال واجهاظ  كل مخططاته في تلك الفترة . حيث سعى الفلسطينيون عبر انتفاضة الحجارة إلى تحقيق عدة أهداف يمكن تقسيمها إلى ثوابت فلسطينية ومطالب وطنية، كإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، وتفكيك المستوطنات ، وعودة اللاجئين دون قيد، وتقوية الاقتصاد الفلسطيني تمهيدًا للانفصال عن اقتصاد الاحتلال، وإخلاء سبيل الأسرى من السجون الصهيونية، ووقف المحاكمات العسكرية الصورية والاعتقالات الإدارية السياسية والإبعاد والترحيل الفردي والجماعي للمواطنين والنشطاء، وكذلك لم شمل العائلات الفلسطينية من الداخل والخارج، ووقف فرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار الفلسطينيين من قِبَل الاحتلال.

 

الخليل : فلسطين المحتلة*