مما لا شك فيه ان تخضع أي عملية تكوين و استحداث أنماط جديدة للعمل لمنظومة من المعايير ذات الأبعاد المحددة ، تساهم بشكل رئيسي في ضبط المسار و تصويبه في حال تعرضه لظروف متباينة قد تؤدي لحرفه عن وصوله لأهدافه المنشودة و هكذا الحال في واقعنا الفلسطيني التي بات اكثر من أي وقت مضى بحاجة ماسة لضبط مساراته المختلفة سيما الكفاحية منها و الاجتماعية و لم يعد بخافي على احد بان ما تتعرض له قضيتنا الوطنية من محاولات الاجتثاث و التطهير يدفع بضرورة التسريع نحو التسابق مع الزمن ليمكننا من إعادة استخلاص العبر و استقاء الدروس من تجارب طوال خاض غمارها كثر مضوا شهداء .......... جرحى ........... أسرى .......... مشردون ...........و مشتتون في تجويف الوطن المسلوب و أصقاع المعمورة و هنا يتوجب التوقف و التعقل و الاستنتاج ليس من اجل تشخيص للحالة المعاشة بل بهدف إحداث نقلة نوعية تميز الأداء و الفعل الوطني بضوابطه الأساسية التي غيبتها إرهاصات و تعقيدات المرحلة الراهنة و فرضها لتحديات ثقال غير ان هذا الفرض القسري هو إحدى أهم حلقات سلسلة البتر و التسويف و الطمس و التذويب لمعالم تكويننا الوطني باعتبار ان حالة الاستهداف قائمة و لم تتوقف .
و في وقت ما يكثر فيه الحديث عن اضمحلال و تاكل الثقافة الوطنية و تراجع الانتماء الوطني و القيمي نتيجة التحولات التي أحدثتها المتغيرات المتلاحقة لحالتنا الفلسطينية فمن الواجب على ما تبقى من اركان الحركة الوطنية أن تعيد النظر بجدية و مسؤولية وطنية متناهية ان تجري مع ذاتها و لذاتها عملية مكاشفة و مراجعة نقدية و أن تتوقف بكل ما تعنيه كلمة الشجاعة عند كل محطات فعلها لتقيم أدائها و تكشف عن إخفاقاتها و عليها أن تعلن لجمهورها ان هذا ليس كافيا بل يتطلب منها اشاركه في إعادة صياغة توجهاتها و رسم سياساتها التي بالأساس يتوجب ان تكون وطنية تسمو لحد أخلاق عدالة قضيتنا .
و اليوم فان المرحلة تستوجب التفاعل بما هو وطني ليس الا ، سيما و ان امد الاحتلال و المعانيات الجمى لم يستطع احد التنبؤ بموعد نهايتها بالرغم اننا ندرك الحتمية التاريخية لزوال الاحتلال بكافة أشكاله و مكونات وجوده .
فالمطلوب بكل جد و مسؤولية الاقتراب من لحظات الحسم التاريخي .
و كيف لنا ان ندنو منها و نحن منشطرون على ذاتنا و في ذاتنا بواعث التشرذم و الانكسار؟؟ فذلك يستوجب بكل ما تعنيه الكلمة من تعبيرات جادة ومعان حقيقية ان تظل بوصلتنا موجهة بوطنيتها نحو مقارعة الاحتلال و مقاومته بابتكار وسائل و أدوات تقض مضاجعه و لا تلحق الأذى بشعبنا .
فالتساؤل المطروح : اذا لم تكن تداعيات الوضع القائم غير كافية لحد دفعنا نحو التمترس و الاستبسال و التضحية من اجل انقاذ ما تبقى من تكويناتنا الوطنية فمتى ستحين ساعة الحسم التاريخي لوقف حالة التدهور المعنوي و الاخلاقي و المحافظة على قيمة و اصل صورتنا الفلسطينية في مختلف المحافل ؟
و علينا ان ندرك بلا أدنى شك بان شعبنا متمسك و متماسك فلذا يجب اقتناص الفرصة و الإعلان الفوري بكل شجاعة اننا موحدون و ملتفون حول ثوابتنا و قواسمنا الوطنية المشتركة و علينا ان نعود بوعينا لوعينا قبل فوات الاوان و الوقوف على قارعة الطريق لنعلن ساعة الزمن كيف لها ان مرت و اخذت منا لحظة الانتصار و التغلب على عقلية الانهزامية و الانكسار .
فكيف لنا ان نقف امام اجيالنا القادمة و نجيب على ما سيجول في خاطرها ؟ و بماذا سنتذرع امامهم و لهم ؟ و كيف ستكون محاكمة الأيام القادمة لكل من وقف صامتا ...... متقهقرا ........... منعزلا و سليبا بحياديته .........؟؟ و كيف لتلك الاجيال ان تتفاخر و تتغنى بأمجاد أسلافها بحكم ان الماضي القويم اساس ومركزي لمستقبلها التليد ؟ ؟
دعونا ان نحرر بل نتحرر من القيود و الأغلال التي صنعتها أيدينا و اذهبوا بنا لمنابرنا الحقيقية لنعلن عن شجاعة توجهاتنا الوطنية و سمو اخلاقنا الكفاحية .